رئيس التحرير : مشعل العريفي
 هيلة المشوح
هيلة المشوح

حين أصبحت كلماتنا.. أغاني!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

على أنغام مقطوعة باذخة للعبقري عمر خيرت وفي هدوء لا يقطعه سوى تمرد الناي الآسر الذي يهز الوجدان ويتملك نياط القلب، استحضرت ذاكرتي «النكدية» كل القصص التي حرمتنا من هذه النعمة في وقت ما، حين كان وقعها أقوى تأثيرا من رنة وتر أو نغمة مزمار، ثم عرجت ذاكرتي قسرا إلى قصة طبيب القلب «البروفسور» الذي وضع السماعة على قلب مريضة فسمع ردح الطبول والمزامير والموسيقى داخل قلبها مثبتا بذلك سوء خاتمة من يطرب ويسمع الأغاني! ذهبت قصص الصحوة كالسراب، كدخان حل في ليلة مدلهمة السواد ثم تبخر مع انقشاع الظلام وبزوغ الفجر، ولسوء الحظ فلم توثق أو تحفظ كتيباتها ومطوياتها «وخنبقاتها» فتؤرشف كدليل ناصع على الجهل الذي تلبسنا ولبسناه، ربما لأنها «فشيلة» وعار لا يستحق التوثيق أو لأن من كتبوها «تغيروا» فأصبحت هرطقاتهم السابقة مخجلة يحاولون التخلص منها بتجاهلها، واعمل نفسك ميتا إزاء كل ما ينكشها ومن ينبش في أوراقها، ما علينا.. فقد ذهبت الصحوة وذهب عرابوها إلى مزابل التاريخ وحضرت القيم العليا للدين والركائز التي تنشأ عليها الأمم والحضارات لتنتج أفضل ما لديها من قيم التعايش والاحترام وتقبل الآخر، وحضرت كذلك المقومات المساندة لنهوض المجتمع وتهذيب ذائقته وتكريس الهدوء والمحبة وسمو الأخلاق والترفع، فكان للموسيقى حضورها الطاغي في محافلنا ويومياتنا دون ضجيج أو شهقات من يذكرنا بالرعب الذي سينهش قلوبنا وأكبادنا. الموسيقى هي شريان يغذي الروح لتسمو في نشوة وعناق مع الخيال في امتزاج مهيب بين أوتار القلب وأوتار الآلة لتأخذنا بعيدا ليس إلى عالم التفجير والعنف والقتل بكل تأكيد، بل إلى عالم الجمال والهدوء.... والسلام! ختاما.. ألا ترون كيف أصبحنا نتذوق الموسيقى ونتحدث غناء وأشعارا حين تحطم حاجز الرعب بيننا وبينها؟
نقلا عن عكاظ

arrow up