رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالله بن بخيت
عبدالله بن بخيت

وجه المرأة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قبل عدة أشهر تداولت مجموعات الواتس اب مقطع فيديو قصيراً تظهر فيه المذيعة اللبنانية جيزيل خوري في حوار مع رجل ملتح. صاحب انتشار هذا المقطع هالة من التعظيم والتقدير لهذا الرجل. هلل له وكبر بعض عتاة الليبرالية وكبرائها. وجدوا فيه مادة تلجم المتطرفين. لا أعلم علة الحوار ولا أعلم ما هو موضوعه الأصلي ولا اعلم من جمع هذا الملتحي مع جيزيل خوري؟
تركز اهتمام المتداولين على رد المتشدد (الرائع!) على سؤال استغرابي طرحته الإعلامية عندما لاحظت أن الرجل لم ينظر إليها ابدا طوال المقابلة. قال جوابا عن سؤالها: أنا أمرت أن أغض النظر ولم أؤمر أن أغيرك أو أبدلك.
صدرت في الثلاثين سنة الماضية آلاف الفتاوى التي تدير حياة الناس. تغطي حياة المرء من المهد إلى اللحد، ومن الاستيقاظ إلى لحظة النوم التالية، بل وحتى داخل الأحلام والكوابيس الليلية.
سطرت تلك الفتاوى كما يكتب المهندسون برامج الكمبيوتر. تبدأ بنسخة أولى ثم تتالي التحديثات والبرامج الصغيرة المساندة. إذا حصل كذا يكون ردك كذا، وإذا حصل كذا وكذا يكون ردك كذا وكذا، ثم تعود مرة أخرى إلى نقطة البداية. على مدى ثلاثين سنة سدت الثغرات بالتحديثات فامتلأت الذاكرة الجمعية بكل الأجوبة المطلوبة التي تغني المرء عن كامل عقله. صار الناس يعملون ببرمجة واحدة. يتصرفون كشخص واحد. مهما واجه المرء من قضايا فلن يعمل خارج نظام التشغيل الذي تم تركيبه في دماغه ووجدانه. حتى الناس الذين عاشوا حذرين من هذه الفتاوى وقعوا مرغمين في الفخ.
لم يعد النقاش حول المشروعية الدينية لهذه الفتاوى وإنما صار النقاش يدور حول أي هذه الفتاوى أتبع واي هذه الفتاوى أترك؛ فاختفى دور العقل والمنطق والحرية الفردية. تداول هذا الفيديو يؤكد على غياب المنطق والعقل وحل محلهما المنطق الفتوي. ما الذي يعنيه أن يميل بعض الناس إلى هذا الرأي على أساس انه المنطق الإسلامي الصحيح لمجرد أنه تعارض مع الهيئة أو أي جهة دينية أخرى يخالفها؟
ما هو الفرق بين هذا الرجل الذي يشيح ببصره عن المرأة وبين الرجل الذي يأمر المرأة ان تغطي وجهها كاملا؟
الأصل واحد: كلاهما لا يرى المرأة سوى عورة.
صار بعضنا كالأطفال بين ايدي أمهاتهم يتقافزون بين مؤيد لهذا، ومؤيد لهذا فانتظر بعضهم أن يأتيه الخلاص على يد واحد منهم. حتى أصبح هذا الشخص الملجأ والمنقذ للمثقفين للرد على من يطالبون بتحجيب المرأة بالكامل.
كل من تداول هذه المقطع بإعجاب وفرح أقر المبدأ الذي ينطلق منه خصومه، أن وجه المرأة لا يحمل تعبيرا إنسانيا تتواصل به مع الآخرين كاللغة المحكية ولغة الجسد. لا وجود للمرأة في هذا الوجود إلا في البعد الجنسي. علينا أن نتفاداها إما بتغطيتها أو بالإشاحة عنها كما فعل الضيف مع المذيعة. نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up