رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

هل ستنتظر السعودية حتى يطلق النووي باتجاه مكة؟!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أطلق وزير الخارجية المصري الأسبق نبيل فهمي مقترحات ملفتة في مقال له نشر الأسبوع الفائت عن سباق التسلح النووي في منطقة الشرق الأوسط، فهمي أشار الى تصريحات سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في ما يخص خطورة «النووي الإيراني»، واصفا إياها بالجريئة والمتسقة مع شخصية الأمير الجسورة والشجاعة، كون السعودية مستعدة للحصول على النووي إذا واصلت الدولة الإيرانية المارقة محاولة الوصول إليه، أكد فهمي أن الرسالة الحقيقية لتصريحات الأمير كانت للتحذير من المستويات الخطيرة التي وصل إليها سباق التسلح في المنطقة، الأمر الذي قد ينعكس على تفجرها بالكامل.
فهمي وفي السياق نفسه اقترح إنشاء مجموعة تفاوضية تحت مظلة الأمم المتحدة للوصول إلى اتفاق يجعل من منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي.
ما ذكره نبيل فهمي يدفعنا لضرورة شرح الموقف السعودي من السلاح النووي، وهو بالمناسبة موقف أصيل وقديم، الرياض لم تسع يوما للهيمنة مع مكانتها الدينية الهائلة التي تتزعم مليار ونصف المليار مسلم، إلا أنها لم تستخدمها للابتزاز ولا لتحقيق مصالح ضيقة، بل لطالما سخرت مكانتها وقدراتها لخدمة المسلمين والعالم الإسلامي وتحقيق التقارب والتعاون بينه وبين العالم الآخر، كما أن لديها موقفاً أخلاقياً من أسلحة الدمار الشامل، إلا أن الوضع الخطير الذي تمر به المنطقة، وسعي «هتلر» إيران لامتلاك النووي هو ما سيدفع المملكة للحصول على أي سلاح يحميها.
من هنا تؤكد أدبيات السياسة السعودية التي ترددت مئات المرات على لسان الساسة السعوديين بمختلف مواقعهم «أن المملكة دولة لا تتدخل في شؤون الآخرين ولا تعتدي على أحد، وفي المقابل لا تسمح لأحد بالتدخل في شؤونها أو الاعتداء عليها».
إذن لم يكن في وارد الإستراتيجية السعودية الحصول على النووي أبدا، إلا أن ما تفعله إيران اليوم مع غطاء وتقاعس دولي وبالأخص أوروبي سيجبر الرياض للحصول على سلاحها النووي الخاص بها لخلق توازن يحفظ أمنها واستقرارها من جنون ملالي طهران الذين لا يتقاعسون عن استخدام أي سلاح لديهم عند أي خصومة، وها هي صواريخهم عبر مقاولهم الصغير الحوثي تطلق باتجاه المدن السعودية بما فيها مكة المكرمة، فهل يريد العالم أن تنتظر السعودية حتى يطلق النووي باتجاه مكة من طهران ذات يوم.
وللتذكير فقبل أكثر من عشرين عاما التقى الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع السعودي السابق -رحمه الله- مع الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، وفي خلال اللقاء نبه الأمير سلطان كلينتون إلى أن التحليلات السعودية وقراءة الموقف الأمني والعسكري تشير إلى احتمال انجرار المنطقة نحو سباق نووي، وقتها لم يكن من المعروف وجود برنامج نووي إيراني، إلا أن السعودية بعيدة النظر والخبيرة في سياسات الفضاء المحيط بها أحست أن هناك نارا تشتعل تحت الرماد.
اقترح الأمير على كلينتون لوقف سباق نووي محتمل أن تعلن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التزامها بحماية دول منطقة الشرق الأوسط من أي تهديد نووي، على أن تقوم تلك الدول بما يتطلبه الموقف عسكريا واقتصاديا وسياسيا تجاه الدول التي تهدد أو تسعى أو تستخدم النووي، هذا الالتزام كان سيمنع الدول التي تفكر في إنتاج سلاحها الخاص من ذلك، كما سيوفر الحماية للدول المسالمة التي لا تسعى لفرض هيمنتها ولا ترغب في الحصول على سلاح نووي.
الموقف السعودي قدر أيضا أن حصول إيران على سلاح نووي سيدفع لا محالة القاهرة والرياض وأنقرة للحصول على السلاح النووي، وهو ما يعني أن المنطقة ستتحول إلى مخزن مخيف لأسلحة دمار شامل بين شعوب تعج بالخلافات الحدودية والعرقية والإثنية والدينية والطائفية.
بالطبع لم تبادر أمريكا للأخذ بالاقتراح السعودي، وتغافلت فيما بعد عن سعي إيران، اليوم يجب أن لا يلوم أحد المملكة، فموقفها من السلاح النووي قديم، وهو بكل بساطة يقول «نحن لا نسعى للحصول على السلاح النووي إلا إذا أجبرنا».
نقلا عن عكاظ

arrow up