رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أحمد العرفج
أحمد العرفج

أفلام المثاليات تخدع الإحصائيات

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat


النَّاس -غَالِبًا- يُحبُّون ادّعَاء المِثَالية، وارتدَاء ثِيَاب الفَضيلَة، بالذَّات إذَا كَانوا في المُقَابلات الإعلَاميّة، أو المَجَالِس العَامَّة، لذَلك لَا تُعوِّل ولَا تُصدِّق كَثيرًا مِن كَلامهم، خَاصَّةً إذَا قِيل في سِيَاق المَدْح والثَّنَاء..! قَبل سَنوَات، ألَّف الأُستَاذ «فانس باكارد» كِتَابًا بعنوَان: «الإغرَاء الخَفي»، عَن الإعلَان وخَفَايَاه، وممَّا لَفَتَ نَظري، أنَّ المَبدَأ الذي تَعتمد عَليه فِكرة الإعلَان؛ استَغلَّ تَمسُّح النَّاس بالفَضَائِل، فكَانت النتيجَة «فَتّاكَة»، حَيثُ انقلَب السِّحر عَلى السَّاحِر..! يَروي أَستَاذ الإعلَام «فانس باكارد» في كِتَابه: «الإغرَاء الخَفي»، قصّة حَول فَنّ الإعلَان يَقول فِيهَا: (في البِدَايَة كَان أصحَاب المَحلَّات التُّجَاريّة؛ ومُنتجو السِّلَع الاستهلَاكيّة، يُرسلون مَندوبيهم لسُؤال النَّاس عَمَّا يُريدون شِرَاءه، مِن خِلال استفتَاء بَسيط مِثل: تُفضِّل التُّفَاح الأحمَر أم الذَّهبي؟، هَل تَلبس البَدْلَة غَامقة اللَّون؛ أم الفَاتحة؟، هَل تُفضِّل روَاية مُغَامرات؛ أم كِتَابًا في الفَلْسَفَة؟، هَل تَشتري المجلّة المُلوَّنة التي تَنشر صُورًا عَديدَة، أَم تُفضِّل المجلَّات الثَّقافيّة؟)..! ثُمَّ يُؤكِّد المُؤلِّف أَنَّ الشَّركَات صَدَّقت هَذه الإجَابَات قَائلًا: (عَلى أَسَاس هَذه الإجَابَات، كَانت المَصَانِع والمُؤسَّسات والشَّركَات تُنْتِج السِّلَع المَرغوبة، ثُمَّ اتّضح بَعد فَترة؛ أنَّ الإجَابَات التي يُدلي بِهَا النَّاس، لَيسَت حَقيقيّة، وأنَّها لَا عَلَاقَة لَهَا بسلُوك المُستَهْلِك لَحظة الشِّرَاء)..! إنَّ الإنسَان إذَا كَان في مَحفل عَام؛ يُحاول أَنْ يَظهر بالمَظهَر المُمتَاز، فمَثلًا يَقول أنَّه يُفضِّل المجلَّات الثَّقافيّة، وهو لَا يَعلَم عَنهَا شَيئًا، وإذَا سَألتَه عَن هوَايته، قَال «القِرَاءَة»، رَغْم أنَّه لَا يَقرَأ أكثَر مِن قَائمة الطَّعَام «المنيو»، وفَاتورة المَغْسَلَة، وقَد انتبَه إلَى ذَلك الكَابتن المَحبوب «يوسف الثنيان»، حَيثُ سَأله المُذيع: «مَا هي هوَايتك»، قَال: (كَثيرٌ مِن النَّاس يَقول: مَوهبتي القِرَاءَة مِن بَاب حُبّ التَّميْلح، وأَنَا لَا أُحبّ القِرَاءة ولَا التَّميْلح)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أَن نَذْكُر بأنَّ العُقَلاء لَا يَعتمدون عَلى الإجَابَات والاستفتَاءَات، التي تُجرَى في الأمَاكن العَامَّة، أَو أَمَام الكَاميرَات، لأنَّ الإنسَان يُحَاول أَنْ يَكون مِثَاليًّا، وهَذا يُذكِّرني ببَعض السَّائِحين السّعوديين الذين تَسألهم لِمَاذَا تُسَافرون؟ فيَقولون مِن أَجْل مَعْرض الكِتَاب والمَتَاحِف، وهُم لَا يَعرفون أَين تَقَع المَتَاحِف، ولَا مَوعد افتِتَاح مَعْرض الكِتَاب..!!
 
نقلا عن المدينة

arrow up