رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

تعرّف على قتلَة الأنبياء فهم هنا..!! هم ليسوا ببعيدين عنك!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

المهم هو أن تنأى بنفسكَ عن الاختلاطِ بهم وأن تتحاشاهم – ما استطعت إلى ذلك سبيلا – خشية أن يختلطوا بك، ذلك أنّ الطرق المفضية إليهم كثيرة وسالكةٌ بكثرة من كانوا قد قتلوه ظلماً وعدوانا..!. أرأيتَ كم هم بالمرّة (قريبون) منك وبأقصر مما تظن من مسافة.. ما لو قلتُ لكَ أنهم: أقربُ إليك من الشارعِ الذي أحاطَ بيتَك عن اليمين وعن الشمال قعيد.. لو أنّي قلت هم كذلك وأدنى من حيث القرب منك/ وإليك ما أحسبني حينئذ قد خالفتُ الواقع أو أنني قد أتيتُ قولاً مبالغاً فيه. أعرفُ – يا صاحبي – أنّ جملةَ: «قتلة الأنبياء» جدُّ كبيرة وثقيلة إذ تقع على السمع: «المتوضئ» وأعلمُ – كما تعلم – أنّ: «قتل الأنبياء بغير حقّ» قد مضى – مَثُلاتٍ – في بني إسرائيل ممن طبع الله على قلوبهم الغُلف بكفرهم (فلا يؤمنون إلا قليلا)! لنعُدْ ثانيةً إلى سياق مقالتنا ونحدّد سؤالنا الجديد – في يومنا هذا – من هم: «قتلة الأنبياء» وهل أنهم ثانيةً قد بُعثوا من جديد!؟ سنستعير الإجابةَ من الإمام الحسن البصري ذلك أنّه مرّة خرج من بيته (إبان الفتن واضطرام نارها) ثم نظر إلى: «الغوغاء» يحتشدون جماعاتٍ وأفرادا إذ امتلأت بهم الأزقة جيئةً وذهاباً على نحوٍ صاخبٍ في جلبةٍ من صوتٍ وركضٍ لا يهتدون سبيلاً ولا يلوون على شيء، فما كان من الحسنِ البصري إلا أنّ أشار إليهم بطرفٍ من سبّابته في طائفةٍ من تلامذته وهو يقول: (هؤلاء قتلةُ الأنبياء.. هؤلاء قتلة الأنبياء.. هؤلاء قتلة الأنبياء) قالها ثلاثاً في سبيل تحذير تلامذته من الانخراط بجماعاتِ من هؤلاء الحمقى/ والدهماء.. ثُم ما كان منه إلا أنْ ولاّهم ظهره ومضى حيثُ تكون: «العزلة» مطلباً ابتغاء سلامة الدين والنأي عن الخوض في الدماء المعصومة..! وما اكتفى بذلك وإنما راح ديانةً/ وصيانة للدماء المعصومة يُحذّر من عِظم خطورة هذه النابتة بما أوجبه الله تعالى عليه حيث الميثاق الذي أخذه الله تعالى على: «العلماء» ليبيّنوه للناس ولا يكتمونه لا يرجون بذلك أعطيات سلطانٍ ولا يرهبون انحسار «الجماهيريّة» عنهم وإنما هي التّبعة التي أّخذت على الذين أوتوا العلم، ومن أجل هذا كان الأذى يطال: «الحسن البصري» من لدن: «قتلة الأنبياء الجدد، غير أنّ ذلك لم يمنعه من مثل هذا الموقف المتكرر: يوم أن دخل عليه جماعةٌ فقالوا: يا أبا سعيد، ماتقول في قتال هذا الطاغية، الذي سفك الدم الحرام، وأخذ المال الحرام، وترك الصلاة وفعل، وفعل؟ قال: وذكروا من فعل الحجاج، قال: فقال الحسن: أرى ألاَّ تُقاتلوه؛ فإنَّها إن تكُ عقوبةً من الله فما أنتم برادِّي عقوبةَ الله بأسيافكم، وإن يكن بلاءً، فاصبروا حتى يحكمَ الله وهو خيرُ الحاكمين. قال: فخرجوا من عنده وهم يقولون: نُطيع هذا العلج! قال: وهم قومٌ عرب. قال: وخرجوا مع ابن الأشعث، قال: فقُتِلوا جميعاً. فـ: «الغوغاء» إذن ليس مصطلحا حادثاً يُلقي بظله على معانٍ قد استجّدت بفعل «المعاصرة» كما هو بادي الرأي وإنما: «الغوغاء» مصطلحٌ قديم وإن شئتَ قلتَ هو مصطلحٌ: «سلفيٌّ» يحملٌ دالّاً شرعياً يُحيل إلى فقه ما استفاض من نصوص الكتاب وصحيح السنة وفق فهوم سلف الأمة. في حين أنّ أصل: «الغوغاء» من حيث اللغة هو: الجراد حين يخِفّ للطيران، ثم استعير للسّفِلة من الناس والمتسرعين إلى الشرّ، ويجوز أن يكون من الغوغاء الصوت والجلبة لكثرة لغطهم وصياحهم. ومهما يكن من أمر.. فـ: «قتلة الأنبياء» ليست هي صفةٌ لازبة لا تُلحق إلا ببني إسرائيل وحسب وإنما هي ممتدة بوصفها «ظاهرة» حتى إنها لتصِلُ فتطالُ جملةً من شُذّاذ: «هذه الأمة»، ذلك أنّ ثمة مشتركاً في الصفات تجمع ما بين القتلة من بني «إسرائيل» والقتلة من: «غوغاء» هذه الأمة، ومن أجل هذا ألفينا القرآن الكريم لا يفتأ يبسط لنا سير بني إسرائيل وما كان من أدق تفاصيل حيواتهم، حتى إنها صارت من أكثر آي القرآن عدّاً وبسطاً، ذلك أنّ مَن كانت فيه بعض من مقدمات ما عليه بني: «إسرائيل» من صفات فإنّ مآلاته/ نهايته ستكون بالضرورة هي الأكثر شبهاً بما آلت إليه أحوال: «بني إسرائيل» أن غضب الله عليهم ولعنهم من بعد ما كانوا قد: «فُضّلوا على العالمين»!! لكم وددتُ أنّ فينا أشباهاً لـ: «الحسن البصري» يكثرون وقت الحاجة في البيان عما لا يصح السكوت عليه/ وعنه دون تأثيرٍ أو تأويل.. أعترف أني ظفرت بمن يُشبهه بالجبة/ البشت وبالعمة/ الشماغ واكتفوا منه بهذا الشّبه وحسب ما جعلني أردد مع المتنبي: إني لأفتح عيني حين أفتحها على كثيرٍ ولكن لا أرى أحداً وأحسن منه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة، من رواية الشيخين عن ابن عمر وفي الأمثال عند العرب: لا تكاد تجد كريما حتى يُخاض فيه ألف: «لئيم» و في هذا المعنى قال العباس بن مرداس: بغاث الطير أكثرها فراخاً وأم الصقر مقلاة نزور وقال ابن أبي حازم: وقالوا: لو مدحت فتى كريما .. فقلت وكيف لي بفتى كريم بلوت ومرّ بي خمسون حولا .. وحسبك بالمجرّب من عليم فلا أحد يعدّ ليوم خير .. ولا أحد يعود على عديم
نقلا عن الشرق

arrow up