رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

التربية الوطنية والدور المأمول !؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

حب الموطن والانتماء إليه شعور غريزي يتشارك الإنسان فيه مع الحيوانات على مختلف أنواعها، وقد لاحظ علماء السلوك الحيواني مدى انحياز الحيوانات لحيزها المكاني، فهو بمثابة الوطن، ومدى استماتتها في الدفاع عنه، كما لاحظوا مدى استماتة النحل والنمل في دفاعهما عن محيطهما المكاني، كما أن أشرس المعارك بين القرود تنشب في صراعها على أوطانها، كذلك فالانتماء للوطن شعور غريزي عند الإنسان، وما الوطن سوى المكان الذي نولد ونشب فيه ونتوارثه من أجدادنا ونورثه لمن ننجب، وهو المكان الذي يعج بعبير أنفاس الناس الذين نشأنا بينهم، وتفوح منه روائح حكايات الآباء والأمهات والجدات، وهو تراب نحمله في قلوبنا يتنقل معنا حيثما اتجهنا في العالم.
لقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف مكة من “أصيل” فجرى دمعه حنينا إليها، وقال: “يا أصيل دع القلوب تقر” أرأيت كيف عبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن حبه وهيامه وحنينه إلى وطنه بقوله: “يا أصيل دع القلوب تقر”، فإن ذكر بلده الحبيب - الذي ولد فيه، ونشأ تحت سمائه وفوق أرضه وبلغ أشده وأكرم بالنبوة في رحابه أثار شجنه وأجرى دمعه. وقبل هذا وذاك ألم يُجِزْ الله في كتابه العزيز القتال من أجل الوطن بقوله تعالى “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم”، “قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا” فالديار المنوه عنها، والمطلوب الدفاع عنها هنا هي الأوطان.
أما الحس الوطني فهو الشعور الواعي بالواجب تجاه الوطن، وهو الوعي بالمسؤولية عن أمنه واستقراره. وهو شعور فطري، ولكنه قابل للتنمية والتطوير عن طريق التربية والتوجيه، كما أنه أيضاً قابل للضمور والضعف، حين يتغلب الشعور بالأنا وتتغلب المصالح الأنانية الذاتية الضيقة.
وكيف من الممكن أن نقوي شعور الانتماء لدى الشباب ونعالج ضعفه؟. كما قلنا، بذرة الحس الوطني فطرية وموجودة مسبقاً في الإنسان، ولكن تتفاوت حدتها وقوتها بين شخص وآخر، وتلعب التربية الأسرية والمجتمعية والمدرسية دورا أساسياً في تنميتها وتقوية الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن والمواطنين. وأعتقد أن الخطوة الأولى في هذا الاتجاه تتمثل في إعادة النظر في مادة التربية الوطنية وجعلها مادة أساسية ورئيسية، وأن يعاد النظر في كامل مناهجنا التعليمية بمختلف المراحل لتكثيف جرعة التربية الوطنية.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up