لماذا يهاجم ترمب حلفاءه؟

بقلم : عبدالرحمن الراشد
في القرن السابع عشر وُضعت أسس ما نراه اليوم في العلاقات الدولية، بعد حروب طائفية وتقاتل الدول في أوروبا. اتفقت، فيما عرف بمعاهدة ويستفاليا، التي أنهت نزاعات بعضها دام ثلاثين عاماً، وأتت على ثمانية ملايين إنسان. مبادئ الاتفاق ثلاثة: الإيمان بأن للدولة سيادة، وعدم التدخل في شؤونها، وأن الدول متساوية في المنظور الدولي. وعليها بني مفهوم العلاقات الدولية في العالم الحديث، ومع أنها لم تنجح دائماً في وقف النزاعات فإنها ظلت مرجعاً. ومن أبرز المنادين بالعودة إليها في منطقتنا، الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، إذ يرى أن احترامها سينهي النزاعات المستمرة الناشئة غالباً عن التدخلات الإقليمية والخارجية.
واستكمالاً لمقال لي سابق حول سياسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب فإننا يمكن أن نفهمها، إلى حد ما، من خلال هذه المفاهيم. فهي أقرب إلى تفكير اليمين الجمهوري.
تحدث الرئيس ترمب، أكثر من مرة، منتقداً ما يعتبره نفوذ المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة ووكالاتها، ويعترض على الاتفاقيات الدولية مثل اتفاق التجارة العالمية، ويعتبرها تتدخل، أو تتعارض في سياساتها مع سياسة بلاده. لهذا انسحب من منظمة اليونيسكو، وانسحب من معظم التزامات بلاده في اتفاق باريس للمناخ، وقلص التزامها في وكالة اللاجئين، وانسحب من مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. والأكثر أهمية أنه هدد بإعادة النظر في التزامات بلاده نحو حلف الناتو الأكثر استراتيجية. حصة واشنطن في ميزانية الناتو هائلة، 650 مليار دولار، أكثر من ضعف ما تدفعه الـ27 دولة عضواً الأخرى مجتمعة! ترمب يطلب من الناتو سلطة أكثر، ومن بقية الأعضاء التزاماً مادياً أكبر، ومشاركة عسكرية في القتال بما فيها ألمانيا واليابان.
وبالمنطق نفسه يكاد يهدم نافتا، منظمة التجارة الحرة لأميركا الشمالية، رافضاً كثيراً من التزامات بلاده تجاهها.
وبالتالي علينا أن نفهم الإدارة الحالية من خلال سلوكها العام، عندما نتحدث عن تصريحاتها وكذلك سياستها في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط عموماً. يعامل دول الخليج مثل أقرب جيرانه إليه، كندا والمكسيك، ومثل أهم حلفائه ألمانيا. فهو لا يقبل من تركيا وقطر شراء منظومة صواريخ S – 400 الروسية لأنه يراها تمنح موسكو نفوذاً سياسياً، وتمول قدراتها التقنية العسكرية.
كما تختلف إدارة ترمب مع إدارة الرئيس الأميركي السابق، والحزب الديمقراطي عموماً، بشأن خلط السياسة مع حقوق الإنسان، وتعتبره تدخلاً فيما هو ليس من شأنها بما يناقض المبدأ الأول في معاهدة ويستفاليا التي تمثل ضابط العلاقات الدولية بين الأمم. وكما ذكرت في مقالي السابق عن ترمب، هناك أركان خمسة لسياسة حكومته، من بينها تعزيز قوة بلاده الاقتصادية ومواجهة المنافسين لها، ويعتبر أن الأوروبيين يعيشون على منافع ما بعد الحرب العالمية الثانية، ويتحداهم أن يتبنوا التبادل التجاري الحر الكامل. ويتهم الصينيين بأنهم يستغلون أنظمة الاستثمار في بلاده المرنة لنقل المعرفة وسرقة التقنية المتطورة إلى بلدهم وتهديد مكانة أميركا.
طبعاً لا يتفق مع ترمب كثيرون، لكن أفعاله، دعوا عنكم لغته المباشرة، تعبر عن مواقف الحزب، وتحديداً اليمين. الذين يختلفون معه يعتقدون أن على الولايات المتحدة، كدولة عظمى، مسؤولية سياسية وأخلاقية أكبر في إدارة العالم، وأن مبادئ ويستفاليا التي كتبت من أربعمائة سنة، لم تعد تصلح مع التغييرات الهائلة نتيجة التقنية والتبدلات الجيوسياسية. انفجار الهجرات بسبب الحروب الأهلية، أو الجوع، وسوء الإدارة الاقتصادية، قد تبرر التدخل العسكري عبر الناتو، أو اقتصاديا عبر البنك الدولي.
أما ترمب بصفته رئيسا، ليس بالضرورة يعكس تماماً رؤيته الشخصية للعالم من حوله، بقدر ما يترجم آراء الحزب الذي أوصله للبيت الأبيض. فهو، قبل ذلك، معروف بصفته مستثمرا دوليا، وتعامل مع المهاجرين ومع الأجانب المستثمرين، لكونه من سكان نيويورك وتجارها.
ترمب كإدارة، والحكومة كمؤسسات، والحزب وراء التغييرات الكبيرة في سياسة أميركا الخارجية، لا ترى القيمة نفسها للمنظمات والتحالفات التي بنيت بعد الحرب العالمية الثانية. أما مع إيران فهو يتعامل معها كمصدر تهديد لمصالح بلاده، وعليها أن تعرف حدودها في التعاطي مع دولة عظمى، لكنه يتوقع من حلفائه الأوروبيين والعرب تحمل مسؤوليتهم معه.
نقلا عن الشرق الأوسط
التعليقات
ملاحظة:لايسمح بالتعليق بعد مرور48 ساعة على نشر المحتوى
أضف تعليق

بواسطة : الاحساء 🌴🌴🌴🌴🌴🌴
هنيآ لك ياصدام العالم رافض ينساك هيبه حي أوميت حب الناس لصدام بعد وفاته تلك هديه...

بواسطة : يقول الشاعر
هو الدهر ياحماد ليس له مدى...

بواسطة : ريما
تعليق مخالف...

بواسطة :
تعليق مخالف...

مصر: أول تعليق من والد الإرهابي بعدما علم بتفجير ابنه لجسده في حادثة الدرب الأحمر
المرصد 26 7٬083 10 ساعات
أول قضية من نوعها.. أسرة مغربية ترفع دعوى ضد الملك محمد السادس.. وهكذا كان رد فعله !
المرصد 16 8٬607 13 ساعة
بالفيديو.. “عمر المهنا “: يكشف حقيقة اعتذاره لـ “الهلال”.. وهذا ما قاله عن تعرضه للتهديد!
المرصد 30 4٬433 17 ساعة
بالفيديو : النصر يسحق فريق “أجمك الأوزبكي” برباعية ويتأهل لدور المجموعات بدوري أبطال آسيا
المرصد 143 5٬589 19 ساعة
فنان لبناني شهير يروي تفاصيل مثيرة حول وفاته وعودته للحياة مرة أخرى.. وهذا ما رأه أثناء توقف قلبه عن النبض!
المرصد 18 2٬322 ساعة واحدة
الفنانة “مروة نصر ” تعرّضت للسحر والشعوذة.. ومُنعت من الغناء بسبب جنسيتها ! – صور
المرصد 7 2٬616 ساعتين
بالفيديو .. الفنانة المصرية حنان شوقي تفتح النار على خالد يوسف بعد فضيحة المقاطع الإباحية
المرصد 39 9٬952 يوم واحد
شاهد : آلاف من اليابانيين يحتفلون باعتقادهم الديني الخاص في تطهير أنفسهم من الذنوب وجلب الحظ !
المرصد 57 4٬544 22 ساعة
سر مجامعة إمبراطور الصين 121 امرأة كل أسبوعين .. وهذا ما يفعله عند اكتمال القمر !
المرصد 89 4٬960 3 ساعات
شاهد : علاج ” للسرطان ” يقضي على ” الإكزيما ” بصورة خيالية.. وهكذا ظهرت الفتاة التي استخدمته!
المرصد 8 3٬885 يومين
الخضيري يحذر من طريقة خاطئة لخفض ضغط الدم.. ويؤكد: “قد تودي بحياة شخص أو تسبب له جلطة”!
المرصد 14 7٬005 4 أيام
قبول طلب تقييد دعوى جماعية ضد المسؤولين عن مخالفات شركة المعجل في مرحلة الاكتتاب
المرصد 5 2٬096 18 ساعة
بالصور .. تفاصيل 4 مذكرات تفاهم واتفاقيات بالمليارات وقعها “الفالح” مع باكستان
المرصد 22 2٬420 يومين
قروض العسكريين ترفع الصفقات السكنية لـ 31%.. وإحصائية حديثة تكشف التفاصيل بالأرقام!
المرصد 31 4٬192 يومين
فاللوبي الصهيوني وعلى راسهم كوشنر زوج البنت استطاعوا بما يمتلكونه من اوراق تهديد على ترامب أن ينفذوا كل اجندتهم التي يريدونها من خلال تهديد الدول الحليفة لاخافتهم والرضوخ لكل الاملاءات الصهيونية
لا يعجبني