رئيس التحرير : مشعل العريفي

بعد انتهاء مهلة “الإنذار” .. هذه “الأوراق” قد تحسم المواجهة بين ترامب وأردوغان

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

تابع صحيفة" المرصد" عبر تطبيق شامل الاخباري

https://shamel.org/panner

صحيفة المرصد:في آخر اجتماع أمريكي تركي بشأن قضية القس الإنجيلي أندرو برانسون، والذي انعقد “سريًا”، مطلع الأسبوع الحالي، تبادل مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون، والسفير التركي سردار كيليتس إشارات التعنت وعدم تقديم تنازلات.
هديدًا لتركيا وترتب على ذلك أن البيت الأبيض وجّه تهديدًا لتركيا “باتخاذ المزيد من الإجراءات، إذا لم تشهد أي تحركات خلال بضعة أيام أو أسبوع”، وأن هذه الإجراءات الإضافية قد تأتي في صورة عقوبات اقتصادية ،مع التأكيد على أن “الضغط سيستمر إذا لم تحصل أمريكا على نتائج”.
تقييم الجولة الأولى من المواجهة صحيفة “الفايننشال تايمز” البريطانية، وهي ترصد حجم الخسارة التي تحمّلها نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جراء مجموعة الإجراءات العقابية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حتى الآن، وكذلك طاقة احتمال النظام الاقتصادي التركي لمزيد من العقوبات، سجلت – أي الصحيفة – أولى الرسائل “العلنية” و”الغاضبة” من مؤسسات الأعمال التركية (غرف التجارة والصناعة، وتداول الأسهم) لأردوغان.
حالة الذوبان وتشير الصحيفة إلى أنه في أعقاب وصول الليرة التركية إلى حالة الذوبان، والإجراءت الاحترازية التي أعلنها البنك المركزي الأسبوع الماضي، فقد رفعت مؤسسات قطاع قطاع الأعمال التركي 3مطالب إلى الرئيس أردوغان، هي فرض استخدام إجراءات الطوارئ الاقتصادية وتشديد السياسات المالية، لكن الأهم من ذلك كله هو دعوة أردوغان بأن يُهادن ترامب وينهي الخلافات.
موقفًا مخالفًا لنهج أردوغان وأكد تقرير “الفايننشال تايمز” أن هذه هي المرة الأولى على مدى 10 سنوات أو أكثر، التي يتخذ فيها قطاع الأعمال موقفًا مخالفًا لنهج أردوغان الذي يستخدم فيه الصوت العالي لتمرير برامجه السياسية والاقتصادية.
السيناريوهات المحتملة والأوراق المكشوفة الموعد المتوقع لجولة الإجراءات العقابية الأمريكية “الجديدة”، إن لم يكن مساء اليوم الأربعاء، فهو سيكون قبل يوم الأحد القادم، وفق نصّ بيان البيت الأبيض الذي صدر منذ بضعة أيام.
الإجراء العقابي ويلاحظ أن الإجراء العقابي الأقسى الذي يقول أردوغان إنه تلقاه في ما يصفه بـ”الحرب الاقتصادية المفتوحة”، هو لعبة الفائدة المصرفية المرتفعة على الدولار، التي يصرّ أردوغان على إبقائها منخفضة على الليرة التركية. ففي هذه اللعبة الأممية المعروفة، فإن الثمن سيكون غاليًا بالنسبة للقوة الاقتصادية الأضعف، وهي تركيا. وقد تصل إلى حد تذويب الليرة وإعلان الإفلاس، وهو ما يتحسبّ له الجميع، وعلى المستوى الدولي، لأن ارتدادات الإفلاس التركي ستنعكس على البنوك الأوروبية الدائنة لتركيا، كما ستنعكس كذلك على الأسواق الدولية التي لن تعود تركيا قادرة على التعامل معها بالدولار.
صب الزيت على النار هذه الجبهة المالية والنقدية المفتوحة بين تركيا والولايات المتحدة، تصفها صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية بأنها الأكثر قابلية للإيلام، وذلك مقارنة مع الإجراءات الأخرى من نوع فرض العقوبات على بعض الوزراء، أو رفع التعريفات على السلع المتبادلة، ووقف تزويد تركيا بصفقة الطائرات الأخيرة، جميعها لا تزيد عن كونها صبّ زيت متتابع على نار متّقدة أصلًا، أحرقت الليرة التركية وكسرت الثقة الاستثمارية بالأسواق التركية.
حرب خاسرة من جانبها، وصفت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية ما يتصرف به أردوغان في هذه المواجهة، بأنه “اقتحام حرب خاسرة”، بكل المعايير والأرقام الاقتصادية. فتراجعه عن تهديداته سيكون إهانة سياسية، ومضيُّه في المعاندة يعني خسارة أشياء أكبر، كما تقول.
الليرة فخسارة الليرة نحو 40% من قيمتها منذ بداية السنة، يعني زيادة الضغط على قطاع الأعمال التركي المدين بنحو 293 بليون دولار. كما أن ديون تركيا البالغة 303 بليون دولار، تعني أن قدرتها على السداد ستتناقص بشكل مؤلم، مع ملاحظة أن أنقرة مطلوب منها سداد 20 بليون دولار خلال العامين الحالي والقادم. وهي ديون يتعذر سدادها بعد أن رفضت الكويت وقطر تقديم دعم مالي يوقف اقتراب استحقاقات الإفلاس.
احتياطي الذهب أما احتياطي الذهب التركي فإنه لا يزيد عن 21 بليون دولار، فيما يصل عجز الميزانية إلى 50 بليون ليرة، ومن شأن هذه الأرقام مجتمعة أن تجعل الودائع الأجنبية في البنوك التركية والبالغة 159 بليون دولار، قيد الاستعداد للهجرة المعاكسة، بمجرد أن تتوفر ثغرات في الضوابط الحالية.
متى يلجأ أردوغان لصندوق النقد الدولي؟ مساء أمس الثلاثاء، أعلنت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني تخفيض تقييم شركة “ياسار” للأغذية، وهي واحدة من أكبر الشركات التركية. وترافقت هذه الإشارة مع تجدد التساؤلات الاقتصادية عن موعد اضطرار أردوغان القبول باللجوء لصندوق النقد الدولي، والخضوع لبرامج إعادة الهيكلة التي طالما رفضها وفاخر بأنه حمى تركيا منها.
بنك خلق التركي عديدة هي العقوبات الاقتصادية التي يمكن أن تفرضها الإدارة الأمريكية بعد انتهاء مهلة الإنذار لتفرج تركيا عن القس برونسون، لكن أشدّها وقعًا على الاقتصاد وقطاع البنوك والأعمال، الحجز على “بنك خلق” التركي، الذي جرى تجريمه أمام المحاكم الأمريكية بتهم تبييض الأموال، بمعرفة وموافقة أردوغان، وبالتواطؤ وخرق العقوبات الدولية على إيران أيام “أزمة النووي” في عهد باراك أوباما.
الإجراءات التركية المحتملة في المقابل، فإن الأوراق التي هددّ بها أردوغان مرارًا، عبر صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، قد تشمل إجراءات سياسية وعسكرية فضلًا عن إجراءات اقتصادية. أول هذه الأوارق هي أن ينقل أردوغان تركيا من حليف تاريخي لأمريكا، لتصبح جزءًا من محور دولي مناهض لواشنطن، يشمل أيضًا إيران وروسيا، وهي تهديدات، لدى المحللين مبررات كثيرة للتشكيك في قدرة اردوغان على التحكم بها، وضمان فاعليتها وعدم ارتدادها بخذلان يماثل خذلان قطر له.
قاعدة “انجرليك” العسكرية ورقة أخرى سبق وطُرحت عدة مرات، بين أيام المحاولة الانقلابية عام 2016، وهي إلغاء تراخيص وتسهيلات قاعدة “انجرليك” العسكرية، ومعها القوة النووية الأمريكية، علمًا بأن ترامب كان قد ردّ على هذه التهديدات بالإشارة إلى أن هناك عدة بدائل جاهزة لقاعدة انجرليك في عدد من دول الشرق الأوسط.
المجال العسكري وفي نفس المجال العسكري، فإن لدى تركيا ورقة سوريا حيث يمكن في حال اشتداد المواجهة، تفخيخ الحلف الأمريكي الكردي في شمال سوريا. وهي أيضًا إجراءات تتضمن احتمالات ردود أمريكية في إطار المعادلة السورية المعقدة.
كما تعالت من داخل تركيا أصوات على شكل نصائح طرحها أحد الأحزاب المتحالفة مع حزب العدالة الحاكم، يدعو أردوغان لأن يحجز فورًا على برج ترامب في إسطنبول.
المراهنة على الوقت في التقديرات الخاصة لقوة الاحتمال التركي لعقوبات أمريكية “طويلة المدى”، يُراهن الإعلام التركي المملوك بنسبة 80% لأقارب الرئيس والمحسوبين عليه، أن أردوغان سبق وخاض مواجهة دولية مماثلة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عقب إسقاط الطائرة الروسية “أس يو 24”.
لا يملك رفاهية الانتظار لكن تقديرات مراكز البحث الاقتصادي والتصنيف، تذهب إلى أن أردوغان لا يملك رفاهية الانتظار هذه المرة، فالليرة تذوب، واستحقاقات المديونية مُلحّة، والثقة الاستثمارية الدولية التي تشظّت يمكن أن تضع تركيا في أي لحظة بموقع الإفلاس الذي سبق أن عاشتها جارتها اليونان.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up