رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد عامر الأحمدي
فهد عامر الأحمدي

قواعد اللغة ليست كتابا مقدسا

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

حين عرضت كتابي شعب الله المحتار (الذي ماتزال وزارة الإعلام حائرة في فسحه) على أستاذ متخصص في اللغة العربية غاب أسبوعين ثم أعاد لي نسخة الكتاب محملة بأخطاء لغوية لا حصر لها..
صحيح أنني لست مغروراً بمهاراتي اللغوية، ولكنني على الأقل أعرف الفرق بين همزة الوصل والقطع، والتاء المربوطة والتاء المفتوحة، والألف المقصورة والياء في نهاية الكلمة.. عرفت من أول صفحة سرّ كثرتها في الكتاب؛ فالرجل استعان ببرنامج الكتروني وضع خطاً تحت كل كلمة ينقصها تنوين أو حرف تشكيل أو همزة قطع أو فاصلة ابتعدت عن نهاية الجملة..
لم أستطع الاعتراض كونها في النهاية "أخطاء" يحتكم إليها الجميع.. تعذرت حينها بأن كتابتي على لوحة المفاتيح تجعلني (مثل طريقة كتابتك على الهاتف الجوال) أتجاوز حروف التشكيل والتنوين والهمزات وأوحد بين الياء والألف المقصورة..
.. ولكن؛ كي أكون صادقاً معكم ليس هذا هو السبب كاملاً..
فأنا شخصياً لست مقتنعاً تماماً بجميع القواعد الإملائية التي يعتبرها بعض أساتذتنا (أخطاء).. فبالإضافة إلى وجود مدارس مختلفة للنحو ورسم الكلمات؛ أرى شخصياً أن الوقت قد حان لتبسيط كتابة لغتنا العربية، وإلغاء ما نختلف عليه دائما، والاكتفاء ما يبدو واضحاً من خلال النطق (كمواضع الهمزات وسط الكلمة) كما فعلت اليابان وكوريا والصين فيما يسمى بالأبجدية الصينية...
ولا تعتقدوا أنني أتيت باقتراح جديد كون لغتنا العربية تملك أصلاً كلمات تكتب بغير ما تنطق (مثل طه والرحمن) وأخرى تكتب بغير ما تنطق (كجميع الكلمات المتضمنة لاماً شمسية).. ولو بحثت في جوجل عن مقال "الحرف الذي لم يعترف به أحد" ستكتشف أنني طالبت باتخاذ أحد خيارين حيال كتابة الهمزة:
الخيار الأول اعتبارها حرفاً مستقلاً بذاته في لغتنا العربية (كي نرتاح من القواعد المنظمة لوجودها واختفائها.. وترتاح هي من التنقل فوق وتحت ووسط الكلمة)...
والثاني إلغاؤها تماماً من كراسات الإملاء ودفاتر الأطفال بحيث تنطق ولا تكتب (أسوة بحرف الألف الذي حذفناه من هذا وذلك وهؤلاء)!!
... أما القضية الأهم في نظري فهي: من يحدد مرجعية الصح والخطأ فيما يتعلق بقواعد النحو والإملاء؟
فحتى أساتذة اللغة في كليات اللغة العربية لا يملكون مرجعاً نهائياً فيما يمكن اعتباره صحيحاً أو خاطئاً.. فحتى حين يواجهون اختلافاً (ولا أقول خطأ) في القرآن الكريم يعتبرونه استثناء ويخبرون طلابهم أنه "قاعدة شاذة" واسالوا من تخرجوا من هذه الكليات..
ولكن الحقيقة هي أنه لا شذوذ في القرآن كونه نزل بعدة ألسن، ولا يجوز أصلاً تحكيمه إلى قواعد نحوية وضعها بشر بعد نزوله (أبو الأسود الدؤلي) أو اعتماداً على لغة قبيلة واحدة فقط (قريش)..
فحتى في ذلك الوقت كانت هناك تراكيب لغوية أخرى سائدة بين تميم وهذيل وغطفان وقحطان وبني سعد (الذين كان القرشيون يرسلون إليهم أطفالهم لتعلم اللغة السليمة، وكان من بينهم رسولنا الكريم الذي عاش في كنف حليمة السعدية)!!
... أضف لكل هذا أن اللغات من طبيعتها التغير والتبدل والتطور (بدليل عجزنا عن العودة لما يسمى باللغة الفصحى رغم كل هذه العقود من تدريسها في المدارس والجامعات).. لا يمكننا إنكار ظاهرة التبدل والتطور والتحور كون لغة قريش ذاتها تشعبت وتطورت من لغة أقدم منها بكثير وبالتالي يكاد يستحيل تجميدها في ذات القوالب التي كانت عليها قبل خمسة عشر قرناً..
... أنا شخصياً أتبنى موقفاً مرناً من قواعد اللغة كونها في النهاية ابتكاراً بشرياً، وكوني لم أعش في زمن قريش وبني سعد..
وحاول اكتشاف الأخطاء الأربعة في المقال.. نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up