رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أحمد العرفج
أحمد العرفج

خيال الطفل يُخصِّب العقل..!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

الطّفولَة عَالَم فَسيح، يَقوم عَلى الخيَال والتَّصوُّر، وطَرْح مَا لَا يُطْرَح، والسُّؤال عَمَّا لَا يُسأل عَنه، ومَن يَجلس مَع أي طِفل، يُدرك هَذه الحقيقَة إدرَاكاً سَريعاً، يُشبه سُرعة إدرَاك المَرء؛ عِندَما يَخرج مِن مَنزله، ليَعرف هَل الجَو حَار أَم لَا..؟! لَن أتحدَّث هُنَا عَن الطّفولَة ومَزَايَاهَا، وخَيَالَاتها وخصُوبتها، وكميّة ومُحتويَات الإبدَاع التي تُولِّدها، ولَكن سأَتحدَّث عَن أَهمّية شعُور الإنسَان المُبدع، وإحسَاسه بأنَّه طِفل، وأتحدَّى مَن يُحضر لِي مُبدعاً وَاحِداً نَال الإبدَاع، وهو لَم يَتميَّز بشَيءٍ مِن صِفَات الطّفولَة، مِثل الفَوضَى أو العِنَاد، أو خصُوبة الخيَال، أو الشَّجَاعَة في طَرح أَسئِلَة بلَا أَجوبَة..! إنَّ عَلَاقة الشُّعور بالطّفولَة والإبدَاع؛ عَلَاقَة مُتميِّزة، تَجْعَل الإنسَان قَريبًا مِن العَبقريّة، والبَرَاءَة والخيَال الخَلَّاق، وقَد قَال الأَديب «ألدوس هكسلي»: (إنَّ سِرّ العَبقريّة هو أَنْ تَحتَفظ بروح الطّفولَة؛ إلَى سِنّ الشّيخُوخَة، مَا يَعني ألَّا تَفقد حَمَاسك أَبداً)..! إنَّ شَمعة الطّفولَة؛ يَجب أَنْ تَستَمر مُشتَعِلَة في نَفسِ المُبدع، لأنَّها هي المَسؤولة عَن تَوليد الأفكَار الخَلَّاقَة، فنَحنُ لَا نُريد؛ أَنْ يَكون رَأس الأَديب مَليئاً بفوضَى الحِلَاقة، وإنَّما نُريده أَنْ يَكون مَليئاً بالفَوضَى الخَلَّاقَة..! إنَّ الطّفل بِمَا لَه مِن بَرَاءَة، وبِمَا يَملك مِن مُقوِّمات الشَّجَاعَة، يَطرح مَا لَا يُطرح، ويَسأل تِلك الأسئِلَة؛ التي لَم تَخطر عَلى بَال التَّنَابِلَة الكِبَار، وقَد لَمس هَذه النَّاحية -بذكَاء- الكَاتِب والرِّوَائي فائق الجودة «صنع الله إبراهيم»، حَيثُ يَقول: (كُلَّما أَمْعَنتُ التَّفكير فيمَا كَتبته طُوال مَساري، أَرى طِفلاً يُريد أنْ يَقول مَا لَا يَقوله الغَير، فالأطفَال مُعلِّمون مِن طِرازٍ خَاص، لأنَّهم يَستطيعون أنْ يَبُوحُوا؛ بِمَا لَا يَستطيع البَوح بِهِ مُعظم البَالغين، فهُم يَستمدُّون جَرَاءتهم مِن إعفَائهم؛ مِن الاعتِقَادَات التي جُبِلَ عَلَى اعتنَاقها مُعظم النَّاشئين، ومِن هَذا تَتَّضح أَهميّة جُرأة المُبدع)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أَنْ أُؤكِّد أنَّ الإحسَاس بالطّفولَة؛ لَيس في شِرَاء الحَلْوَى أو ألعَاب الأطفَال، بَل في مُحَاولة السّمو بالرّوح، والتَّرفُّع عَن الأحقَاد، والاشتغَال عَلى الذَّات، لتَكون سدرة المُنتَهَى مِن التَّميُّز والعَطَاء والتَّألُق..!! نقلا عن المدينة

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up