الشيخوخة المبكرة !
إن الجودة الشاملة تعني التزاما من جميع أفراد المؤسسة المعنية خدمية سواء كانت أم إنتاجية بخطة موحدة، تضع وفق برنامج محدد نصب أعينها تحقيق هدف معين. وإن تحقيق هذا الهدف وفق الخطة الموضوعة والبرامج المحددة يتطلب وعيا مسبقا لدى جميع أفراد المؤسسة. وهذا يعني وضع نظام أو نظم تسير العمل، إذ دون هذه النظم تسود الفوضى نتيجة الاجتهادات وسيادة المزاجية العشوائية. أما بالنسبة للأهداف لأي خطة للجودة الشاملة فيجب أن تكون أهدافا واقعية ممكنة التحقيق. فإحدى جامعاتنا، التي اشتكى مديرها من أنها أصيبت بالشيخوخة– المبكرة، وضعت لها استراتيجية للتطوير، وحددت الهدف من هذه الاستراتيجية بأن تصبح جامعة عالمية، أي في مصاف الجامعات العالمية الأولى. وحسب واقع هذه الجامعة فإنها وبوضعها الحالي يجب أن تضع هدفا واقعيا كأن تعالج نفسها من مرض الشيخوخة المبكرة ثم تضع بعده هدفا آخر بأن تكون الجامعة الأولى في محيطها الإقليمي وهكذا. أما وهي تعاني أعراض الشيخوخة ثم تضع لها هدفا بأن تصبح من الجامعات العالمية الأولى، فلا يعكس سوى أمنيات، ولكنه لا يمكن أن يقود المؤسسة إلى مكان، إذ إن النوايا الطيبة وحدها لا تحقق هدفا. إذًا كان يجب أن يتجه بصر إدارة الجامعة إلى معالجة مشكلتها أو مشاكلها، وأن يضعوا لذلك أهدافا ممكنة التحقيق، أما التصدي للمشاكل والقضايا بهذه الأساليب الإنشائية البلاغية فلا يمكن أن يحقق هدفا، ليس على صعيد تحقيق الجودة الشاملة، بل حتى ولا معالجة الأمراض والعلل التي تعانيها المؤسسة. فالجودة الشاملة بيئة عمل وثقافة تترسخ مفاهيمها في أذهان كل القوى العاملة من أكبر مسؤول إلى أصغر مسؤول. وهي تتحقق حين يكون لكل من أفراد المؤسسة هذا الشعور العميق بالانتماء الحميم للمؤسسة، وأن تأخذ الإدارة العليا في المؤسسة رأيه حول ما ينبغي أن يكون حسب دائرة مسؤوليته مهما صغرت وتضاءلت. وقد تسألني من أين أتى هذا الفهم الخطأ الذي نحتاج معه إلى إعادة هيكلة العقول؟ فأقول لك إنها عقول الوفرة التي رسخت العديد من المفاهيم السلبية، وأفرزت العديد من الظواهر التي تحتاج إلى إعادة نظر.
لا يوجد تعليقات