رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

ظاهرة في ثقافتنا الإدارية !؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ثمة ظاهرة في ثقافتنا الاجتماعية والإدارية لا أدري لماذا لا نتوقف عندها كثيرا، علما بأنني كنت قد نبهت إليها في كثير من المناسبات ورصدتها في كثير من ممارساتنا المؤسسية، وتتلخص في أن كثيرا من المسؤولين عندنا عندما تسند إلى الواحد منهم أعباء أو مسؤوليات إدارية ما فإنه فيما نلاحظ يميل عند اختيار مساعديه إلى توظيف واختيار من يتفقون معه في الرؤية، أو من ذوي قرباه، أو إلى من يستلطف، أو إلى من يوافقون على كل ما يقول، ذلك النوع من الناس الذين يطلق الإنجليز عليه اسم أو لفظ «السيد نعم» . ولو تأملت هذا المنحى المعياري فإنك ستجده ضارا على كل المستويات، سواء على صعيد العلاقات الشخصية والاجتماعية، أو على المستوى العملي من حيث اختيار الكفاءات الوطنية بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب. فعلى الصعيد الشخصي والاجتماعي، ترى ما الذي سيضيفه لي من هو متفق معي في كل شيء ؟، وكذلك على المستوى الفكري، فالذي يحمل رؤية وفكرة غير التي أحملها هو الذي سيثري فكرتي عن طريق الحوار، لأن الحوار وتلاقح الأفكار هو الذي يثري الفكر ويغذيه بدم جديد ويعمقه. لذا فالإنسان أحوج إلى الآخر الذي يحمل رؤى وأفكارا تختلف عن رؤاه وأفكاره، أكثر من حاجته إلى من يتطابق معه فيها، ولعل هذا هو مبرر الحوار الوطني وضمانة نجاحه وجدواه. وكذلك الأمر على المستوى العملي والإداري، يمكنك أن تسأل نفسك سؤالا بسيطا إذا كنت أنت المسؤول إداريا: ما الذي سأستفيده إذا اخترت مستشارا لي أو مساعدا لي شخصا من نوعية «السيد نعم»، الذي يبصم ويؤيد مغمض العقل والعينين على كل ما أقول وأقرر؟، ما الذي سيضيفه لي؟، وما حاجتي إليه؟، بينما على العكس ستحتاج قبل اتخاذ القرار أو عند التخطيط لمن يطرح عليك مقترحات لم تفكر فيها ربما تضيف أو تغير نحو الأفضل أفكارك، ذاك هو ما تحتاجه لتخطيط أفضل أو لقرار أصوب أو لتنفيذ أكثر دقة. ويمكنك أن تسأل أيضا: ما هو جوهر هذه المشكلة ؟، ستجد بأنه «داء الشخصنة»، وقد ذكرت هذا في العديد من الواقع، فحين نعتمد نهج شخصنة القضايا ونعتد بالشخصنة معيارا في نظرتنا وفي تقييمنا للأمور نصبح نحن المعيار حتى في الشأن العام، وحينها نفقد القدرة على رؤية الصورة في كليتها ونعجز عن رؤية وجهي الصورة، لأن من اخترناهم ليسوا سوى صدى لصوتنا.. وصوتنا وحده، ومجرد مرآة نطالع فيها وجهنا.. ووجهنا وحده.. وخلاصة الأمر نحن في حاجة إلى الآخر، الآخر الذي يختلف عنا، ويختلف معنا، رؤية وفكرا، نحن في حاجة إليه أكثر من حاجتنا لمن يردد صوتنا وما نقول، نحتاج إليه من أجلنا نحن، ومن أجله هو.

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up