رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أحمد العرفج
أحمد العرفج

عقدة العقَّاد من حرف الضَّاد..!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat


أَحيَانًا أُصَاب بِمَا يُسمَّى التَّرَف المَعرفي، وهو عَفشٌ زَائِد في دَاخل جُمجمة الإنسَان، حِين تَكون هَذه الجُمجمة مُتْخَمَة بالمَعرفة، ومُشبعَة بالزّيوت اللُّغويّة، والدّهون الفِكريّة، والشّحوم الثَّقافيّة..! هَذا التَّرَف كَان أَيضًا يُصيب شَيخنا «عبّاس العقّاد»؛ بَين فَترةٍ وأُخرَى، ومِن قَبْل «العَقّاد»، أَصَاب الإمَام اللُّغوي «ابن جنّي»، صَاحب كِتَاب «الخَصَائِص في اللُّغة».. وحتَّى يَتّضح المَقال، دَعونا نَطْرَح المِثَال: يَقول شَيخنا «عبّاس محمود العقّاد»: (إنَّ حَرف الضَّاد خُصّ بالشُّؤم، يُسمِّم جبين كُلّ لَفظة بمكرهةٍ؛ لَا يَكاد يَسلم مِنها اسم أو فِعل، مِثل: ضَجر، ضرّ، ضيْر، ضَجيج، ضَوضَاء، ضيَاع، ضَلَال، ضَنك، ضيق، ضَنَى، ضَوى، ضَرَاوة، ضيزى. وبعَكسه الحَاء، التي تَكاد تَحتكر أَشرَف المَعَاني وأقوَاهَا، مِثل: حُبّ، حَقّ، حُرّية، حيَاة، حُسن، حلم، حَزم. وأَرَى أنَّها لهَذه المزية ولامتنَاعها - أو عَلى الأَقَل مُشتقّها - دون سَائر حرُوفنا الحَلقيّة عَلى حَنَاجِر الأعَاجِم، هي أَولَى بأنْ تُنسَب إليهَا لُغتنا فنَقول: «لُغَة الحَاء»، بَدَلًا مِن قَولنا: «لُغَة الضَّاد»)..! هَذا الرَّأي الخَاص بالعقَّاد، حَول تَدليل حَرف الحَاء، وتَقريع حَرف الضَّاد، أَعجب شَيخنا اللُّغوي «أحمد الغزّاوي»، فعَقَّب عَليه بقَوله: (هَذا كَلامٌ وَجيه وتَوجيهٌ نَبيه، وحجّةٌ قَائِمَة، ولَكن هَل يَستطيع أَنْ يُحوِّل الألسِنَة عَن مَأثورها القَديم؟ وهَل لذَوي الرَّأي مِن حُمَاة لُغَة الضَّاد؛ تَعقيب عَلى هَذا التَّصويب)..؟! لَم تَنتهِ المَعركة هُنَا، بَل دَخَل عَلى الخَطّ شَيخ اللُّغة «عبدالقدوس الأنصاري»، فاعتَرض - بكُلِّ أَدَب - قَائِلًا: (نَعم إنَّ حُمَاة لُغَة الضَّاد، بوسعهم أنْ يُزيِّفوا هَذا الرَّأي، فالضَّاد فِيهَا خَيرٌ وبَهجَة ورِضَى، مِثل: الضرَب بفَتح الرَّاء - أي الشّهد -، المَنضد، نَضيد، ضَمير، ضُحَى، ضَاحية... إلخ. وفي الحَاء مكرهة مِثل: حِقد، حَسَد، حَسْرَة، حَمَاقَة، حَقَارَة، حَسم، حَرب... إلخ. فالأُولَى إذًا إبقَاء الضَّاد عَلى مَا هي عَليه)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي التَّأكيد عَلى أنَّ الحرُوف - في الغَالب - لَا قَاعدة لَهَا، فإذَا كَان العَقّاد امتدَح حَرف الحَاء، فحَرف الحَاء تَبدأ بِهِ كَلِمَات سَيّئة السُّمعَة، مِثل: حُزن، حِرمان، حِداد، وإذَا كَان العَقّاد قَد استَاء مِن الضَّاد، فهو الذي تَبدَأ بِهِ كَلِمَات حَسنَة السُّمعَة، مِثل: الضيَاء والضّمان والضمّ، ومَا أَحلَى جُـدَّة بضَمِّ الجِيم، ولَو كَانت غَارِقَة - هَذه الأيَّام - في عَاصِفَة تُرابيّة أَثنَاء هَذه الكِتَابَة..!!
 
نقلا عن المدينة

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up