رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

(البلادة) أعيت من يداويها

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لاحظت في حجي هذا العام وفي الأعوام السابقة أن بعض الأسر يصطحبون معهم أطفالهم بمن فيهم الرضع، وهذه الظاهرة المؤسفة تتكرر كل سنة، دون الالتفات لها أو إعطائها أي أهمية، رغم ما تسببه أحياناً من مشكلات مؤلمة أو مزعجة.
فهي أولاً إرهاق على الأسرة والأطفال معاً، وثانياً الأطفال ليسوا مكلفين بالحج، وثالثاً هناك عشرات الأطفال المفقودين الذين يضيعون من أهاليهم من شدة الزحام، سواء عند رمي الجمرات أو في طواف الوداع، ثم ألا يستطيع الأهالي أن يضعوا ويؤمنوا أطفالهم عند بعض أقربائهم وأصدقائهم الذين يثقون بهم إلى أن يعودوا، وكلها يومان أو ثلاثة «والدنيا ما هي طايرة!!».
من الصعوبة بمكان أن أطلب من لجنة الحج العليا، أن تمنع كل أسرة من اصطحاب أطفالهم، ولكن على الأقل يقنعون أهاليهم أن يؤجلوا حجهم إلى أن يكبر الأطفال.
فالكبار وهم الكبار - يا الله - يخارجون أنفسهم من هول التدافع، فكيف بهؤلاء الصغار؟! لا بد من وضع حد لهذه الظاهرة التي تقترب من الاستهتار وعدم تقدير المسؤولية.. يعني حبكت ولا بد من تعويد الصغار وتعليمهم مناسك الحج عملياً، حتى لو تقطعت أنفاسهم؟!
والمسؤولون لو أنهم منعوا حج الأطفال إنما يحافظون على أرواحهم، والحفاظ على الأرواح أهم من كل شيء، حتى من الحج ذاته. وضياع الصغار ليس مقتصراً على هذه الشعيرة، فقد قرأت قبل مدة أن هناك ثلاث أسر من الرياض، كلهم أقرباء بعضهم، ذهبوا مع أطفالهم في نزهة بريّة، وعندما حل الظلام ركب الجميع سياراتهم وعادوا إلى منازلهم، ولم تفتقد الأم البليدة طفلتها ذات الثمانية أعوام إلاّ بعد عدة ساعات، معتقدة أنها ركبت في سيارة أخرى، وسألوا الجميع عنها دون جدوى، وعادوا إلى مكانهم ووجدوا ثيابها مبتلّة وهي تبكي وترتعد من شدّة الخوف.
والحمد لله أننا لسنا الوحيدين في هذه البلادة، فحتى رئيس وزراء بريطانيا السابق (كاميرون) وزوجته، كل منهما أبلد من الآخر، وذلك عندما دخلا إحدى الحانات وأكلا وشربا مع أصدقائهما، وبعدها ركب كل واحد من الزوجين سيارته وانطلق، ولم يكتشفا أن طفلتهما غير موجودة إلا عندما عادا إلى مقر إقامتهما في منزلهما الريفي على بعد نحو 60 كيلومتراً إلى الشمال الغربي من لندن، وكانت الطفلة قد ذهبت إلى دورة المياه، غير أن كؤوس الراح قد لعبت برأس كاميرون وزوجته، وظن كل منهما أن الطفلة مع الثاني.
ولا أستبعد أن الرئيس وزوجته قد زودا العيار كثيراً من ذلك المشروب المخزي. ألا قاتل الله أم الخبائث.
نقلا عن الشرق الأوسط

arrow up