رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد الأحمري
فهد الأحمري

يكفيك إنك شفتها

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

«يكفيك إنك شفتها دون ميعاد.. فرحتك في صدفة لقاء، ياكبرها…»
تذكرتُ هذا المطلع الجميل من قصيدة الشيخ محمد بن راشد بن مكتوم، والتي تغنى بها فنان العرب، وذلك حين التقيتُ، مؤخرا، بمجلة القافلة التي تصدرها أرامكو السعودية في مناسبة دعتني إليها -المجلة- عبر منظّميها الأعزاء.. علاقتي الوطيدة بالمجلة دامت ثلاثة عقود منذ أن كانت «قافلة الزيت» والذي تحوّل مسماها إلى «القافلة» نظرا لخروجها من حيّز صناعة الزيت إلى عالم الثقافة والأدب، وأصبحت، المجلة، تستقطب مشاهير كتاب الأدب والفكر والثقافة العرب، مما عجّل بانتشارها لتصبح موسوعة ثقافية معتبَرة ومعروفة على مستوى العالم العربي.
غادرتُ الشركة منذ فترة بيْد أنني لم أكُف عن متابعة المجلة عن بُعد، ولم أغادر أخبار الشركة العزيزة والتغزل بأيامها وذكر أفضالها عليّ وعلى أسرتي، علميا وثقافيا وفكريا ومهنيا ومعنويا، وكذلك سلوكيا منذ التحاقي بها في باكورة العمر إلى حين خروجي منها. لقد مرّت عليّ فترة، بعد الاستقالة، وأنا أشاهد في المنام -بصورة شبه ليلية- تفاصيل العمل في الشركة الحبيبة، واستمتع بتلك المنامات، وأتلذذ بمعايشة ساعات الدوام وكأنني ما زلت على رأس العمل. وفي اليقظة تمر لحظات دافئة بالحنين المضني، أتمنى لو عدتُ إلى تلك المعشوقة والصبر على لؤائها وشدتها. وبالعودة إلى موضوع الورشة، أجزم أنني لن أضيف جديدا إذا قلت إن أرامكو السعودية تقوم بدور هائل وفعّال في خدمة المجتمع منذ إنشائها من خلال قنوات عديدة يصعب حصرها. ومن هذه الأعمال اللقاء المفتوح الذي نظمته القافلة هذه السنة بعنوان «المنهجيات العالمية المعتمدة في إعداد القادة»، ودعت إليها نخبة من أصحاب الرأي والتجارب والاهتمامات، رجالا ونساء. نحن فخورون جدا بقدرات الإنسان السعودي الذي أثبت إمكانية إعداده للقيادة.. إن أول قيادي سعودي والذي يُعدّ مفخرة ومعجزة للوطن بل لكوكب الأرض أجمعه، هو مؤسس هذه البلاد، رحمه الله. الجميل في هذا أن المواطن السعودي، بقدراته الهائلة، لم يخذل المؤسس ولم يخذل وطنه، بل أسهم في النقلة الوطنية السعودية الواسعة. ومن هؤلاء -على سبيل المثال-، منسوبو أرامكو الذين أسهموا في توطين أكبر شركة نفط في العالم.
إن الأمر لا يتعلق بشركة أرامكو ومنسوبيها فحسب، بل هناك شركات كبرى ومؤسسات وقطاعات عامة، أبدع ويبدع فيها المواطن السعودي، رجالا ونساء. نحن نشهد اتجاهات فكر سعودية حديثة ترعاها القيادة العليا، تراهن على دور القيادات الشابة، تركز على مفاهيم إدارة التغيير النوعي والاستفادة من التجارب الناجحة والالتفات لإمكانات البلاد الهائلة، الأمر الذي يوفر فرصا عديدة لإعداد القيادات الشابة من ذوي الطاقات الواعدة والأفكار الملهمة التي يمكن استثمارها في بناء التنمية المستدامة المؤثرة في مختلف المجالات وفق رؤية 2030.
ذكرتُ في ذات اللقاء أننا بحاجة إلى صناعة الناشئة وتهيئتهم جميعا لمفهوم القيادة الجماعية بدلا من الفكر الإداري العقيم (القيادة الفردية) والمتلخص في (القائد الأوحد وخلفه الأتباع)، لأن القيادي الناجح هو الذي يجعل من حوله قادة يشاركونه النجاح عبر مفهوم «فريق العمل»، وليس مجرد أتباع يمارسون السمع والطاعة عبر نظرية «حاضر وسم».
صناعة النشء تكون من خلال خطط إستراتيجية طويلة المدى لبناء العقل والوعي عن طريق تعلم الإبداع وقواعد التفكير المستقل، وإدراك منهجية التغيير وتحليل الرأي الآخر قبل قبوله أو رفضه دون مجاملة أو خنوع. صناعة النشء، أيضا، تكتمل بتعلم قواعد الريادة وبناء العلاقات وإدارة الذات ومواجهة التحديات عبر برامج تدريب وتأهيل علمي تشترك فيها الأسرة والمجتمع والمؤسسات التعليمية. إن شباب/‏ شابات السعودية الجديد هم مستقبل وأمل السعودية الجديدة والمتجددة دوما، ومن خلال حماسهم المتقد لوطنهم والمقرون بكفاءاتهم العلمية وقدراتهم المهنية ومواهبهم المميزة، نستطيع أن نطمئن على مستقبل السعودية وبناء السعودية، وبحبهم وانتمائهم المميز لوطنهم ولقيادته، ستحيا السعودية لتواصل تسارعها نحو المجد والعلياء.. إن الرسالة المبهجة لكل من عايش السعودية الجديدة تكمن في: «يكفيك إنك شفتها…». نقلا عن الوطن

arrow up