رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالحميد العمري
عبدالحميد العمري

كيف ستنخفض البطالة إلى 10.5 % بحلول 2022؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أعلن وزير العمل والتنمية الاجتماعية في لقاء أخير، أنه سيقوم بخفض معدل البطالة بحلول 2022 إلى 10.5 في المائة، علما بأن المعدل يبلغ 12.9 في المائة كما نشرته الهيئة العامة للإحصاء في نهاية الربع الأول من العام الجاري. إنه تحد كبير جدا، ذلك الذي أعلنه الوزير، ويتضمن كثيرا من التحديات الجسيمة، التي يجب العمل المتكامل من قبل الأجهزة الحكومية كافة لتجاوزها بالمشاركة مع القطاع الخاص؛ ذلك أن مواجهة التحدي التنموي الجسيم ممثلا في معدل البطالة المرتفع، لا تقع مسؤوليته فقط على "وزارة العمل"، بل تشمل الأجهزة الحكومية ذات العلاقة، إضافة إلى القطاع الخاص.
كانت وزارة العمل قد عرضت في شباط (فبراير) الماضي من العام الجاري أمام ممثلين للقطاع الخاص، أن إجمالي الباحثين عن عمل "ذكورا، إناثا" سيصل إلى نحو 1.1 مليون باحث بحلول 2020، وأنه بحال لم تقم وزارة العمل بزيادة كفاءة برامج التوطين، ولم توازِ ذلك استجابة حقيقية من منشآت القطاع الخاص، فإن معدل البطالة مرشح للارتفاع بحلول 2020 إلى نحو 23.2 في المائة "12.8 في المائة للذكور، 49.8 في المائة للإناث"؛ أي أننا سنواجه أعدادا هائلة من العاطلين إن لم نتمكن من التصدي لها بمزيد من الحزم والقوة اللازمة. قدرت وزارة العمل وصولها إلى أعلى من 1.6 مليون عاطل وعاطلة بحلول 2020، وهو الأمر غير المقبول من الجميع، وما يقتضي جديا أن تتحرك وزارة العمل بكل ما لديها من قدرة نحو عدم تحققه، والمبادرة باتخاذ كل ما يجب كي لا نجد أنفسنا جميعا في مواجهة مثل هذا التحدي التنموي الجسيم جدا.
وبالاعتماد على تلك التقديرات الصادرة عن "وزارة العمل"، يمكن القول إنه وفقا للمعدل السنوي أعلاه، يقدر أن يرتفع عدد الباحثين عن عمل بحلول عام 2022 إلى أعلى من 2.4 مليون باحث وباحثة، وأنه كي تتمكن "وزارة العمل" من الوفاء بوعدها الصادر عبر حديث وزيرها "خفض معدل البطالة إلى 10.5 في المائة"، فإن على سوق العمل المحلية إضافة صافي فرص عمل ووظائف أمام الباحثين والباحثات عنها خلال الفترة من 2019 - 2022 بما لا يقل عن 1.4 مليون فرصة عمل، سيكون العبء الأكبر في توفيرها على كاهل منشآت القطاع الخاص، الذي يقتضي ألا ينخفض المعدل السنوي لنمو توظيف المواطنين في القطاع الخاص عن 21 في المائة. هل هذا ممكن؟ السؤال موجه إلى "وزارة العمل"، فهي التي وضعت هذا الهدف الذي نتمنى جميعا تحققه وأكثر منه، وهي الجهة الوحيدة في هذا السياق المفترض أن تتولى الإجابة عنه، وأن تبين لمن هم خارج أسوارها كيف سيتم العمل من قبلها أولا، وثانيا من قبل الأجهزة الحكومية ذات العلاقة، وثالثا من قبل منشآت القطاع الخاص؛ للوصول إلى هذا الهدف الطموح، المتمثل في خفض معدل البطالة خلال الفترة المقبلة حتى عام 2022 إلى 10.5 في المائة. هل سيكون لدى القطاع الخاص القدرة الكافية على الوفاء بمتطلبات هذا الهدف؟ وهو ما يأمله الجميع بكل تأكيد، إنما يجب عدم إغفال حجم التحديات التي يواجهها القطاع، في الوقت ذاته يمكن النظر بمزيد من التفاؤل الكبير تجاه المبادرات الكبيرة والعديدة الأخرى، التي يجري العمل على تنفيذها خلال الفترة الراهنة، وسيستمر - بمشيئة الله تعالى - العمل على تحقيقها خلال الأعوام المقبلة، التي ستسهم في زيادة ضخ مئات المليارات من الاستثمارات في الاقتصاد الوطني، الممولة من الأموال والثروات الوطنية، ومن تدفقات الاستثمار الأجنبي. يتوقع أن تصل بحلول 2022 إلى تريليونات الريالات، وستكون بكل تأكيد ذات أهمية قصوى لا مثيل لها في هذا الشأن التنموي العملاق.
في الوقت الذي تتمسك فيه الغالبية منا كمهتمين خارج أسوار "وزارة العمل" بالأمل الكبير في أن يتحقق ذلك الهدف الطموح، بل أن يتحقق ما هو أفضل منه، بإذن الله تعالى. ويتفق كثير على أهمية أن تبادر وزارة العمل بإيضاح مزيد من برامجها والآليات التي ستستند إليها لتحقيق ذلك الهدف، وهو الأمر الذي لا يقل أهمية بأي حال من الأحوال عن مجرد إعلانه، بل لا بد أن يتضح كثير من التفاصيل لدى منشآت القطاع الخاص أولا، ولدى عموم أفراد المجتمع المعني بنجاح هذا الهدف من عدمه ثانيا، فلا تحدث بعدئذ أي مفاجآت غير محسوبة لدى القطاع الخاص، وليكون أفراد المجتمع عموما والباحثون عن فرص عمل خصوصا على اطلاع تام وواسع بما يجري العمل عليه لأجلهم؛ ليتمكنوا بدورهم من الاستفادة القصوى من التحولات والتطورات المستهدف القيام بها في هذا الصدد.
ختاما؛ نشد جميعا على يد وزير العمل وكل العاملين معه، وندعو الله صادقين أن يحالفه التوفيق والنجاح نحو تحقيق الأهداف الطموحة كافة، التي وضعتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وأن تجد استجابة على القدر الكافي واللازم من قبل منشآت القطاع الخاص؛ كونها المنفذ الأهم لبرامج التوطين الراهنة والمرتقبة، وأن تتحسن من قبل أربابها ومديريها التنفيذيين درجات الثقة بالمواطن والمواطنة، والنظر بمزيد من المسؤولية اللازمة تجاه أبناء وبنات الوطن، والتأكد أكثر من أنهم سيكونون أهلا للثقة بهم، وضرورة منحهم ما يستحقونه من وظائف ذات دخل مجدٍ، ومنحهم أيضا فرصا أكبر في المستويات العليا من الوظائف القيادية والتنفيذية.
والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية

arrow up