رئيس التحرير : مشعل العريفي
 د. زهير الحارثي
د. زهير الحارثي

جولة ولي العهد.. المغزى والتوقيت

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

رسالة ولي العهد للجميع ستؤكد أن المملكة ليست دولة طارئة وليست إحدى جمهوريات الموز، بل لها وزنها السياسي وثقلها العالمي وأخذت على عاتقها حماية القضايا العربية، كما أن لديها مخزوناً من الأدوات والإمكانات ولها نفوذ ومصالح كبيرة في كثير من الدول..
يقوم ولي العهد بزيارة عدد من الدول العربية بدأها بالإمارات، كما سيشارك في قمة مجموعة العشرين التي تحتضنها العاصمة الأرجنتينية، وبالتالي لا يمكن النظر لجولة الأمير بمعزل عما يدور في المسرح الدولي، فضلاً عما يحدث في المنطقة، لا سيما في هذا الظرف الدقيق لإيصال رسائل سياسية أهمها أن المملكة دولة محورية وحريصة على تعزيز الأمن والسلم الدوليين، وأنها ماضية في مسارها ولن ترضخ للضغوط والابتزاز.
الحراك السياسي والدبلوماسي الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان يعكس ملمحاً لنهج السياسة الخارجية في عهد الملك سلمان وعنواناً عريضاً لما تقوم به بلاده من أدوار وجهود.
الرياض تؤمن بأهمية الزيارات واللقاءات المباشرة مع عواصم مهمة ومؤثرة في صناعة القرار لأن ذلك يقود بالضرورة إلى حلحلة الملفات الشائكة ويدفع حتماً باتجاه انفراجات سياسية.
منذ أشهر والسعودية تتعرض لحملات شرسة وزادت وتيرتها بعد قضية خاشجقي رحمه الله، وليس مهماً أن نعرف من يقف وراءها أو من يدعمها ولكنه تبين أنها هجمة مسيسة تصب في خانة الضغوط والإملاءات والابتزاز تزامنت مع تقاطع مصالح لأطراف وجماعات ودول باستهداف المملكة. المتابع يشعر أن هناك إصراراً مدروساً لتشويه صورة المملكة وابتزازها وإضعافها وإشغالها بقضايا أو اختلاق أزمات مستغلين مناخ الشائعات والفبركات. كنا في مواجهة أزمة صعبة على اعتبار أن لها جوانب حقوقية وإنسانية. كان أمل المتربصين الأضرار بالمملكة والمساس بسمعتها وقيادتها ولكنها باءت محاولات يائسة ذهبت أدراج الرياح. هذا لا يعني أنه لم يحدث خطأ شنيع وبشع باستغلال ثلة للثقة المعطاة لهم غير أنه تم الاعتراف الرسمي بذلك وتقديم المتورطين للعدالة وصدرت الأوامر بالتعاطي مع الحادثة بشكل قانوني وجنائي. يُفترض أن يتم التعاطي معها على هذا الشكل عوضاً عن هجمة من الابتزاز السياسي والاقتصادي.
ولعل ما جعل الأمور تتجه نحو التأزيم هو أن الوضع الإقليمي يتسم بدرجة كبيرة من السيولة السياسية وتسارع للمتغيرات ما يفسر الحراك الدبلوماسي السعودي الراهن فتفاعله لم يأتِ من فراغ بل هو يسعى لمواجهة التحديات واحباط المشروعات التي خطط لها في منطقتنا.
رسالة ولي العهد للجميع ستؤكد أن المملكة ليست دولة طارئة وليست إحدى جمهوريات الموز بل لها وزنها السياسي وثقلها العالمي وأخذت على عاتقها حماية القضايا العربية. كما أن لديها مخزوناً من الأدوات والإمكانات ولها نفوذ ومصالح كبيرة في كثير من الدول، وبالمقابل نحن لا ندعي أننا مجتمع ملائكي وهناك أخطاء وتجاوزات حدثت وستعالج ولن تتكرر وهو ما أكدته كلمة خادم الحرمين أمام مجلس الشورى فضلاً عن عزم القيادة السعودية التي آلت على نفسها ضرورة بناء دولة عصرية من خلال المضي في مشروعي الإصلاح والتنمية.
صارت توجهات السياسة السعودية الخارجية ترتكز على توسيع آفاق التعاون السياسي والاقتصادي مع دول العالم، وتربطها صداقات مع الجميع من خلال التوازن والتنوع والتوسع، فالمملكة تنطلق في علاقاتها مع الآخرين من خلال منظور محدد يتمثل فيما يعود عليها بالمنفعة ويحقق لها أهدافها ما يؤكد أنها دولة لديها سيادة وبيدها قرارها وخياراتها ما يضمن لها مردوداً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.
المملكة تعتقد أنه لا يمكن الفصل ما بين النمو الاقتصادي والتنمية من جهة والملف السياسي والاستقرار من جهة أخرى كونهما متداخلين. ولعل مشاركة ولي العهد في قمة العشرين في بيونس آيرس تكشف عن تموضع لافت للمملكة في الخارطة الدولية بدليل حضورها ما يعني اعترافاً بدورها وأهمية مشاركتها في وضع سياسيات وصياغات اقتصادية مؤثرة ما يعزز من مساهمتها في منظومة الاقتصاد العالمي. ولي العهد الأمير محمد كممثل وحيد للعرب أمام القمة سيؤكد ما سبق أن طالبت به بلاده من أن هناك ارتباطاً وثيقاً ما بين النمو الاقتصادي والسلم العالمي وأهمية إيجاد معالجات لقضايا المنطقة، وضرورة التعاون الدولي لتأسيس نمو اقتصادي عالمي قوي وشامل. جولة ولي العهد سوف تبني على ما سبق من تعاون وتنسيق وستصب نتائجها في مصلحة كل الأطراف وما يخدم استقرار المنطقة ما يعكس قدرة صانع القرار السياسي في قراءة المتغيرات الراهنة على الساحة الدولية والقدرة اللافتة على إحباط أحلام المتربصين وإسقاط مخططات العابثين.
نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up