رئيس التحرير : مشعل العريفي
 سمر المقرن
سمر المقرن

زواج الأطفال من العصر الحجري!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

للغريزة الجنسية عمر محدد تبدأ به مع فترة المراهقة، وهذه الفطرة الإنسانية السويّة التي خلقها الله -عز وجل- في أجساد البشر، وإيقاظ الغريزة باكراً في سن الطفولة هو خلل تربوي يبدأ من الأهل، وقد يكون عبر ممارسات لا يُدرك الأبوان مدى خطورتها وتمر عن طريق الضحك والمزاح مع الطفل، مثل تعزيز فكرة تزويجه وهو في سن الطفولة واختيار الطفلة فلانة له وهكذا من بعض التصرفات التي يُمارسها كثير من الأسر من باب المزاح مع الطفل، واقتناص ردود فعله الجميلة والمضحكة.
هذا واحد من السلوكيات الخطيرة التي تُمارس داخل المجتمعات بدون قصد، لكن آثارها ليست سهلة، ومن هذه الآثار إيقاظ الغريزة الجنسية لدى الطفل قبل موعدها المحدد. وأجزم مما قرأته وتابعته أن الطفل الذي تم تزويجه قبل أيام في تبوك، وكان الحدث الأبرز في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وعندما نعلم ما هي أركان قيام بيت الزوجية نفهم أن تزويج طفلين ينتفي تماماً مع كل هذه الأركان وأنه زواج جنسي - بحت-، بل إن حتى مباركة مدرسته وتشجيع معلميه له يوضح ويؤكد أن كل المجتمع الذي يعيش فيه هذا الطفل غير سوي، وكنت بصراحة أنتظر بيان استهجان من جمعية حقوق الإنسان حول هذا الخبر المزعج، والخوف أن تستمر غيرة الأطفال من هذين الطفلين ويتفاقم الأمر بداية من منطقتهما ومروراً بالمناطق السعودية الأخرى، خصوصاً إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لمعاقبة المأذون الشرعي الذي قام بعقد قرانهما!
إن انتشار ظاهرة زواج الأطفال في أي مجتمع يعطي نذيراً بعدم نضج المجتمع، وأنه بحاجة ماسة إلى منظمات مجتمع مدني تعمل بغزارة على التوعية، بل وعلى إيجاد قوانين رادعة تمنع تفاقم مثل هذه الأحداث غير المفرحة. والتي لا تنتشر إلا في المجتمعات السطحية المحرومة من التعليم والمتفشي فيها الفقر مثل بعض دول إفريقيا كالنيجر وبنغلاديش وغينيا، وبعض العادات القبلية التي تفرض على أهل تلك المناطق هذا النوع من الزواج غير الناضج. لذا أتألم وأنا أرى في مجتمعي مثل هذه القصص بل والتفاخر بها ومن يتفاخر لا يدري أنه يرفع راية الجهل عالياً مع فرحته!
من يعود إلى قوانين الاستغلال الجنسي للأطفال يجد أن أعلى معدّل وفيات هو للبنات الصغيرات اللواتي تعرضن لعملية الحمل والولادة في أعمار لم تنضج بعد فيها أجسادهن، وإن كان الشكل العام للطفلة مكتملة الجسد، إلا أن كل الأراء الطبية تؤكد أن جسدها غير مكتمل لاستقبال عملية كهذه، ولو استثنينا هذه الفكرة فهل طفلين من الممكن أن يمتلكان الوعي لإقامة مشروع زوجي متكامل؟
بصدق أقولها، إننا بحاجة إلى تكثيف العمل مع المنظمات الدولية التي تعمل بجهد على هذه القضايا، ومحاولة إيجاد كل الوسائل التي تحد من عملية تجهيل المجتمع وتسطيحه، فكلما تعدينا إلى الأمام عشر خطوات فوجئنا بممارسات جاهلة تعيدنا إلى الخلف بل إلى مرحلة العصر الحجري!.
نقلاً عن الجزيرة

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up