رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

البخيل الكذوب

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

البخل ليس مرضاً، ولكنه تركيب متغلغل في «جينات» البخيل، ولا يستطيع منه فكاكاً. وحديثنا اليوم عن نماذج واقعية من الأغنياء البخلاء في هذا العصر:
فهذه امرأة أميركية اسمها هيتي غرين، تربعت على هرم البخل، ودخلت موسوعة «غينيس» لأبخل شخصية في العالم. هي سيدة أعمال أميركية عرفت بالثراء الشديد، وكانت تعتبر أغنى سيدة في أوائل القرن العشرين، والتي بلغت ثروتها نحو 200 مليون دولار، أي ما يعادل 4 مليارات في الوقت الحالي. وحينما تزوجت جعلت زوجها يوقع على أن يتخلى عن جميع حقوقه في الميراث، ضماناً لها بأنه لن يستطيع إنفاق أموالها. ووصل بخلها إلى أنها كانت ترتدي رداء أسود لم تغيره لسنوات، إلا عندما تلاشت ألوانه وصار بالياً. كما كانت لا تقوم بالاغتسال توفيراً للصابون والمياه.
في يوم تعرض طفلها للكسر في ساقه، فحاولت علاجه في عيادة مجانية للفقراء، فاضطر الأطباء إلى بتر ساقه. وعلينا ألا ننسى إينغفار كامبارد السويدي، صاحب سلسلة «إيكيا» الشهيرة، فالرجل الذي يعتبر رابع أغنى الرجال في العالم، وأغنى رجل في أوروبا، اشتهر بالتقشف والحرص إلى أبعد الحدود. وتوفي قبل أشهر عن عمر 94 عاماً. هذا الرجل سوقه المفضلة هي «سوق البالة»؛ حيث تباع الملابس المستعملة التي يشتريها ويلبسها، ولا يخجل من أن يقول عند حضور الحفلات والمناسبات الراقية، إنه يرتدي ملابس مستعملة؛ لأنه على حد قوله، يكره التبذير! إذن ماذا سوف يقول عنِّي وأنا المبذِّر بالعواطف لا بالنقود؟!
وما دمنا بهذا الصدد، ونحن على مشارف العام الجديد، فقد قابلني أحد المعارف بالأمس، وهو أيضاً يستحق أن ينال الميدالية الذهبية في البخل، ومد لي قصاصة ورق مكتوباً فيها الأبيات التالية، وأرسلها إلى خطيبته: أي شيء في العيد أهدي إليك يا ملاكي وكل شيء لديك؟ أسواراً؟ أم دملجاً من نضار؟ لا أحب القيود في معصميك أم وروداً؟ والورد أجمله عندي الذي قد نشقت من خديك أم عقيقاً كمهجتي يتلظى؟ والعقيق الثمين في شفتيك ليس عندي شيء أعزّ من الروح وروحي مرهونة في يديك
وتأكدت أنه استكثر أن يهدي لها في رأس السنة هدية مادية، فبعث لها بهذه الأبيات، والأدهى والأمَرّ أنه زعم أنها من تأليفه. فقلت له: أعرف أنك بخيل لا تتورع حتى من مص الذبابة، ولكن أن تكون فوق ذلك كذوباً، فهذا هو «الشق والبعج»، فتلك الأبيات يا فالح هي لإيليا أبو ماضي. واليوم أتمنى أن تقرأ خطيبته هذا التوضيح الفاضح، لتعرف معدن خطيبها، فبطني ليس جراباً لأحد.
نقلا عن الشرق الأوسط

arrow up