رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

السعادة بالعمل

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

هل تدرون ما هي أعظم سعادة في الحياة؟! أجزم أنها سعادة الإنسان عندما يمارس العمل الذي يهواه، وقد ثبت فعلياً أن احتمال تعب ذلك الإنسان لا يتعدى 10% حتى لو عمل عشرين ساعة في اليوم. والعكس صحيح، فليس هناك أنكد من إنسان يجبر على عمل لا يحبه، فاحتمال تعبه مؤكد 90% حتى لو عمل ثلاث ساعات فقط. الناجحون هم غالباً الذي يوفقون في أعمال يختارونها ويحبونها، وأنهم في الواقع يؤدونها وكأنهم يلعبون ويرفهون عن أنفسهم.
حتى الزوجة في منزلها إذا كانت شغوفة بدورها في أداء ما يترتب عليها من أعمال يومية، فينعكس كل ذلك بطريقة إيجابية على زوجها وأبنائها، وتختلف عنها جذرياً الزوجة المتبرّمة من الترتيب أو الطبخ أو الغسيل، فتنغص حياتها وحياة من يشاركونها. وها هو د.ه. لورنس الذي حاز هذا المجد، ويقال: إن إحدى نواحي سحره هي تلك القدرة على الاهتمام حتى بالأشياء الصغيرة، فبعد أن يفرغ من عمله يبرع كذلك في الطهي والغسيل ورتق الجوارب وحلب البقر، وكانت نيران المدفئة في بيته تشتعل بسرعة حين يضع هو الحطب بنفسه، وكانت الأرض التي يمسحها تصبح أكثر نظافة ولمعاناً.
وغالباً نجد الإنسان الناجح في عمله، يكسب مهارات أخرى بعد أن يجد فراغاً يملأه، وهذا الصنف من الناس نادراً ما يصاب بالكآبة والأمراض النفسية، فالطاقة تنمو باستخدامها. اليوم تحول مقالي كله إلى تبشير بحب العمل، وكأنني طبيب نفساني يدعو الجميع إلى ممارسة الفرح من خلال العمل، وهذا هو ما أحاول أن أطبقه على نفسي حتى لو أرغمتها على ذلك بتليين ظهرها (بالكرابيج).
ومن الأمور التي تحزنني مشاهدتي لبعض الموظفين عندما أذهب إلى إحدى الدوائر الحكومية، والكآبة والملل تنعكس على محياهم، فيضعون (حرّتهم) على المراجعين المساكين، وبدلاً من أن ينهوا معاملاتهم على أحسن وجه، تراهم يعكسونها ويضيقون الخناق عليهم، ورغم أنه من المفترض أن يعمل كل واحد منهم ثماني ساعات، تجده في الواقع لا يعمل فعلياً إلاّ أقل من ثلاث ساعات، وما أن ينتهي الدوام حتى ينطلق خارجاً وكأنه محكوم أفرج عنه وخرج من سجنه. وهذا النموذج من الموظفين يذكرني بنفسي عندما كنت تلميذاً بالمدرسة، فلم أكن أحب دراستي، وأحلى وقت عندي وأروع صوت هو سماعي لجرس الفسحة عندما يقرع. المشكلة أنني فيما بعد أحببت ونجحت في حياتي بأشياء عبثية من الصعب أن أبوح بها، خوفاً مما لا تحمد عقباه.
نقلا عن الشرق الأوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up