رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد عامر الأحمدي
فهد عامر الأحمدي

الملك سلمان في اسطنبول

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

في أغسطس 1969 حاول بعض المتطرفين اليهود إحراق المسجد الأقصى تحت أنظار رجال الأمن الإسرائيليين.. تسببت فعلتهم هذه بموجة غضب كبيرة عمت العالم الإسلامي وتسببت بظهور مايعرف اليوم ب"منظمة التعاون الإسلامي".. فخلال أقل من شهر على الحادثة اجتمع قادة العالم الإسلامي في الرباط (في سبتمبر 1969) تمخض عنه قرار إنشاء المنظمة (التي دعيت حينها بالمؤتمر الإسلامي).. واليوم تعد المنظمة أكبر تجمع دولي بعد الأمم المتحدة وتضم في عضويتها سبعا وخمسين (57) دولة عضوا موزعة على أربع قارات، بما في ذلك روسيا التي تعمل عضوا مراقبا..
وبعد ستة أشهر من هذا القرار عقد أول مؤتمر لوزراء خارجية الدول الإسلامية في جدة بالمملكة العربية السعودية، تمخض عنه تشكيل الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي.. وحينها تم تعيين أمين عام واختيرت جدة كمقر مؤقت للمنظمة (إلى حين تحرير القدس الشريف ليصبح المقر الدائم لها)...
ورغم حالة الضعف التي يمر بها عالمنا الإسلامي، فمجرد إنشاء المنظمة وعملها كصوت موحد للشعوب الإسلامية يعد في نظري أقل ما يمكن عمله في هذا الخصوص.. فتعاضد سبع وخمسين دولة يخلق ثقلا سياسيا لا يمكن إنكاره.. كما أن وجود دول كبيرة ومؤثرة داخل المنظمة (كالسعودية وتركيا واندونيسيا التي تندرج تحت قائمة أقوى عشرين اقتصادا في العالم) يتيح لها لعب أدوار سياسية واقتصادية تصب في النهاية لصالح بقية الأعضاء..
ورغم كل الانتقادات التي وجهت للمنظمة، يحسب لها قدرتها على الصمود وسط التغيرات والتطورات المتلاحقة التي عصفت بالنظام الدولي، فقد التأمت القمة الإسلامية في دورات منتظمة (ناهيك عن القمم الطارئة) وعقد وزراؤها ما يقارب الثلاثين اجتماعا حتى الآن. ورغم أن القضية الفلسطينية مثلت محور نشاط منظمة المؤتمر الإسلامي منذ إنشائها إلا أنها تمكنت من حلحلة قضايا مهمة مثل جامو وكشمير وأفغانستان والبلقان والشيشان، وإن فشلت في فعل شيء حيال غزو الكويت واستمرار الحرب العراقية - الإيرانية..
وهذه الأيام تعقد القمة الإسلامية في اسطنبول (في دورتها الثالثة عشرة) بحضور ملوك ورؤساء أكثر من خمسين دولة إسلامية. وتأتي هذه القمة في وقت يملك مشكلاته وتصادماته الخاصة التي لم تكن موجودة حتى خمس سنوات مضت.. وهي القمة الإسلامية الأولى التي يحضرها الملك سلمان بصفته زعيم دولة وتحالف عسكري وإسلامي يحظى بقبول الجميع.
ومن المتوقع أن تتعرض قمة اسطنبول لجملة من المشكلات التي تشغل بال العالم الإسلامي، والتي تفاقمت بشكل واضح هذه الأيام.. فهناك مثلا الإرهاب وثقافة التطرف والتمويل المالي لداعش والقاعدة.. كما أن هناك الأزمة السورية التي تحولت إلى أزمة إنسانية ودولية وصلت إلى عامها الخامس.. وهناك أيضا مشكلة اللاجئين السوريين الذين تحولوا إلى مشكلة عالمية تعاني منها الدول المجاورة وعلى وجه الخصوص تركيا ولبنان والأردن.. وهناك بدون شك الاحتلال الاسرائيلي للقدس وأعمال الحفر والتنقيب تحت المسجد الأقصى الذي يعتقد اليهود أنه الموقع الخاص بما يعرف بهيكل الملك سليمان.. أما القضية الأهم في نظري فهي ارتفاع مستوى الانقسام الطائفي داخل المجتمعات الإسلامية ذاتها الأمر الذي انعكس بشكل فتن وصراعات وعمليات تهجير طالت المدنيين.
ونحن في السعودية نعرف أن هذه القضايا تشغل اهتمام الملك سلمان حتى قبل تسلمه زمام الحكم.. فبالإضافة إلى سعيه الدائم لتقريب وجهات النظر بين الأشقاء العرب والمسلمين انتقل فور توليه الحكم إلى حيز التطبيق والعمل الفعلي من خلال عاصفة الحزم وتشكيل تحالف عسكري، وآخر إسلامي لمحاصرة الإرهاب، ويشكل حضوره الشخصي ثقلا كبيرا للقمة الحالية. نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up