رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالحميد العمري
عبدالحميد العمري

لماذا لم يسهم القطاع الخاص في الحد من البطالة؟

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أعلنت بالأمس الهيئة العامة للإحصاء معدل البطالة بين المواطنين بنهاية الربع الثالث من عام 2018، موضحة أنه تراجع بشكل طفيف جدا إلى 12.8 في المائة "7.5 في المائة للذكور، 30.9 في المائة للإناث"، مقارنة بمستواه الذي كان قد وصل إليه في نهاية الربع الثاني من العام نفسه عند 12.9 في المائة "7.6 في المائة للذكور، 31.1 في المائة للإناث". وبمقارنته بمعدل البطالة في نهاية عام 2017، الذي كان قد وصل إلى 12.8 في المائة "7.5 في المائة للذكور، 31.0 في المائة للإناث"، سنجد أنه عاد إلى المستوى نفسه، مع الأخذ في الاعتبار انخفاضه بالنسبة للإناث.
وبالنظر إلى تطور أعداد العاطلين؛ تظهر البيانات الأخيرة تراجع أرقامهم من 787.9 ألف عاطل "354.4 ألف عاطل من الذكور، 433.5 ألف عاطلة من الإناث" بنهاية الربع الثاني 2018، إلى 781.6 ألف عاطل "350.1 ألف عاطل من الذكور، 431.5 ألف عاطلة من الإناث" بنهاية الربع الثالث 2018، أي بانخفاض 6.3 ألف عاطل "4.3 ألف من الذكور، 2.0 ألف من الإناث"، ما يشير هنا بحال التوقف عند هذه التطورات إلى أحد أسباب تراجع معدل البطالة، إنما اللافت أن أعداد العمالة الوطنية في كل من القطاعين الحكومي والخاص، قد سجلت أيضا انخفاضا خلال الفترة نفسها، حيث انخفضت العمالة الوطنية في القطاع الحكومي للفترة بين الربعين الثالث والثاني من عام 2018 بأعلى من 3.6 ألف عامل وعاملة، وانخفضت لدى القطاع الخاص بأعلى من 14.7 ألف عامل وعاملة، ليصل إجمالي الانخفاض خلال الفترة في القطاعين الحكومي والخاص إلى نحو 18.4 ألف عامل وعاملة.
وفقا لما تقدم ستكون النتيجة ارتفاع معدل البطالة لا تراجعها، ولكن معدل البطالة لا يتم احتسابه بالاعتماد فقط على مجموع القوة العاملة في كل من القطاعين الحكومي والخاص، إنما يتم بالاعتماد على مجموع المشتغلين السعوديين في سوق العمل المحلية، وهو الرقم الذي يشمل حتى قوة العمل خارج القطاعين الرئيسين المتمثلين في القطاعين الحكومي والخاص، والذي أظهرت النشرة الأخيرة الصادرة بالأمس عن الهيئة العامة للإحصاء ارتفاع أعدادهم بين الربعين الثالث والثاني من عام 2018 بأعلى من 9.4 ألف عامل وعاملة، في الوقت ذاته كما تمت الإشارة إليه أعلاه، انخفض عدد العاطلين بنحو 6.3 ألف عاطل وعاطلة، وعليه يمكن أن يفهم كيف تراجع معدل البطالة بين الربعين الثاني والثالث من العام الماضي.
ومقارنة بين الإحصاءات التي سجلتها سوق العمل المحلية بنهاية الربع الثالث من 2018، وتلك التي سجلتها في نهاية عام 2017، نجد أنه في الوقت الذي ارتفع فيه عدد العاطلين بأعلى من 8.3 ألف عاطل وعاطلة، سجلت أعداد المشتغلين من المواطنين والمواطنات خلال الفترة نفسها ارتفاعا وصل إلى أعلى من 57.0 ألف عامل وعاملة، الأمر الذي لعب دورا كبيرا في السيطرة نوعا ما على مستوى البطالة بين المواطنين، وأعاده إلى مستواه نفسه كما ظهر في نهاية الربع الثالث من 2018 عند المستويات المسجلة ذاتها في نهاية عام 2017.
الخلاصة من كل ما تقدم ذكره أعلاه؛ أن القطاع الخاص تأخر كثيرا عن الوفاء بمتطلبات التوظيف طوال فترة الثلاثة أرباع الأولى من عام 2018، حيث سجل صافي انخفاض في أعداد العمالة الوطنية وصل إلى أعلى من 60.6 ألف عامل وعاملة "انخفاض 40.8 ألف عامل من الذكور، وأعلى من 19.8 ألف عاملة من الإناث"، ولولا التحسن الطفيف جدا لتوظيف العمالة الوطنية خارج أسوار القطاع الخاص، لكانت النتائج حول معدل البطالة ومستوياتها بين صفوف المواطنين والمواطنات مختلفة تماما عما أظهرته النشرة الأخيرة لسوق العمل، وهو الأمر الذي لا يمكن الاعتماد عليه طويلا، في الوقت الذي يؤمل أن تأتي مساهمة القطاع الخاص في مجال التوطين أفضل بكثير مما حدث منه طوال الفترة الماضية، وما يؤكد بدرجة بالغة الأهمية أن تتغير جذريا آليات التوطين لدى منشآت هذا القطاع، وأن يدرك أربابه حجم المخاطر الكبيرة والمحتملة، إذا ما استمر تأخر منشآتهم عن الوفاء بالأدوار المهمة جدا بشأن إيجاد الفرص الوظيفية الملائمة أمام الباحثين والباحثات عنها من المواطنين. يأتي هذا الحديث على درجة من الأهمية تفوق كثيرا جميع مطالبات القطاع الخاص ومناشداته الحكومة، بضرورة توفير الدعم اللازم له، وكثيرا من المطالبات التي لا ولم تتوقف طوال عقود طويلة مضت. وعلى الرغم من كثير من المبادرات الحكومية الهادفة إلى دعم هذا القطاع المعول عليه كثيرا تنمويا واقتصاديا، إلا أن تفاعله مع الأسف في مقابلها غالبا ما نجده يأتي أقل بكثير مما كان مأمولا، بل إنه أتى معاكسا لكل تلك المبادرات الحكومية كما تظهره البيانات الرسمية الأخيرة، وتحديدا طوال الثلاثة أرباع الأولى من عام 2018.
إن كل ما يصدر عن القطاع الخاص من تبريرات، تستهدف التنصل من مسؤوليته تجاه توطين فرص العمل المتوافرة لديه، في الوقت ذاته الذي تمكن من توظيف أعلى من 7.1 مليون عامل وافد، تجعله في موقف ضعيف جدا أمام التحديات التنموية التي يمر بها الاقتصاد الوطني والمجتمع على حد سواء خلال الفترة الراهنة، وسيكون من الصعب جدا إن لم يكن مستحيلا، أن تجد حتى نسبة 1 في المليون كقناعة بما يضعه أرباب هذا القطاع من تبريرات وأعذار، ولو أنه أظهر نموا متدنيا من التوطين لكان الأمر أهون، أو على الأقل كسب بعض التفهم من قبل المجتمع، إنما الأمر على العكس تماما من كل ما يسطره ولا يزال أرباب هذا القطاع تجاه برامج وخطط التحول الراهنة، فهل نرى تغيرا في قناعات هذا القطاع أم لا؟ وهل ستتحرك وزارة العمل وبقية الأجهزة الحكومية ذات العلاقة بدرجة أكبر وأكثر جرأة، لأجل تغيير قناعات أرباب القطاع الخاص أم لا؟
والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up