رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

أقطع ذراعي

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

تنتشر (موضة) الوشم عند الشباب - خصوصاً عند الرياضيين ومقلديهم - إلى درجة المبالغة أحياناً، وقد شاهدت صوراً لأحد الرجال (تروّع) - أي تخوّف وتثير الرعب - وهو موشوم من قمة رأسه إلى أخمص قدميه. والواقع أن الوشم كان موجوداً منذ عدّة قرون في أغلب أنحاء العالم، بما فيها الشعوب العربية، وها هو طرفة بن العبد يقول: لخولة أطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد. وبعضها مرتبط بالبقاء، وبعضها بالطقوس الدينية، وبعضها سعياً وراء الجمال... ووجدت هناك مومياوات في جبال الألب، وفي مصر قبل الميلاد بألف سنة، وعليها بعض الوشوم، وكثير منها يكون عبارة عن طقوس حياتية (كالزواج والتقدم بالعمر والموت).
وعلى سبيل المثال، في عهد الإمبراطورية الرومانية، كان مطلوباً قانونياً من الجنود الرومان وضع وشوم معيّنة على أيديهم، ليكون من الصعب إخفاء الوشم في حال الانشقاق أو الفرار. أما العبيد، فيوشم على وجه كل واحد منهم عبارة (أوقفوني أنا هارب)، ليقبض عليه كل من يقرأها إذا ما تمرّد. غير أن الإمبراطور (قسطنطين الأول) حظر الوشم على الوجوه. وبعد فترة، كان الناس يتم توشيمهم على نظام تحديد الهوية وهم السجناء في معسكرات الاعتقال النازية خلال الهولوكوست. وفي العصر الحديث، انتشرت هذه (التقليعة)، عندما وضعت المغنية (جانيس جوبلين) وشماً على المعصم، وقلباً أحمر على الجانب الأيسر من صدرها. وبعدها، وضع لاعب كرة القدم (بيكهام) عام 1999 وشماً باسم ابنه، مع وشم باسم زوجته على ذراعه الأيسر، مكتوباً باللغة الأوردية التي لا يفقهها، مع أخطاء لغوية.
غير أنه تلافياً للأمراض، أصحبت العملية تتم بآلة كهربائية تحرك الإبر بسرعة 80 إلى 150 وخزة في الثانية الواحدة، ويجب على الفنان الواشم غسل يديه وارتداء القفازات، ومسح الجراح بمنشفه مبللة معقمة. وقد نهى الإسلام عن التوشم، لهذا لجأت بعض البلاد الإسلامية والعربية إلى استبدال الحناء بالوشم، كنوع من التجميل المؤقت الذي من الممكن إزالته. والذي دعاني اليوم للتطرق لهذا الموضوع هو انزعاجي فعلاً من رؤية بعض اللاعبين من وشوماتهم التي لا تمت للفن أو الذوق بأي صلة، وتشاهد ذراع الواحد منهم وكأنها «ملغوصة» بشحم وزيوت السيارات. وانزعجت أكثر عندما شاهدت أحد الأصدقاء الفلسطينيين وقد وشم على ذارعه الأيمن خريطة لفلسطين، وعندما سألته عن السبب، قال: حتى لا أنسى أنها محتلة، وعندما كررت عليه السؤال بخبث: وماذا ستفعل لو أنها تحررت؟! رد عليّ سريعاً بكل براءة - لا أقول غباء: أقطع ذراعي لو أنها تحررت.
نقلا عن الشرق الأوسط

arrow up