رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد السحيمي
محمد السحيمي

شرهتك على من سمعها أصلاً!!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ذات نشرة نقدية، في صحيفة الوطن (19-06-2014) صحح أستاذنا الشاعر العربي الكبير (مازن العليوي) ما تواطأنا على سماعه من الأغنية العراقية الشهيرة بـ(فوق النخل)؛ فبعد أن سخر من هذه الحبيبة (المتعنقطة) من نخلة إلى أخرى، أعادها بالحركة البطيئة وبكاميرا كشف التسلل؛ فإذا بها: (فوق.. إلْنا.. خِل)! وبلغة (ناظم الغزالي): (إنَّا..خِل)!
والمعنى المستقيم هو أن التضاريس في معظم المدن والقرى العربية تقسم المكان إلى معلاة ومسفلة ـ كما في مكة ـ أو فوق وأسفل ـ كما في الطائف ـ أو سراة وتهامة كما في الباحة وعسير؛ أو (ظْهَرَة وطِمان) كما في نجد، أو (حفرة ودحديرة) كما في كل مدن المملكة تحت المطر!!
فحبيبته بالتالي في الأعلى وهو أسفل منها إن أراد الحقيقة؛ لكن الشعر دائماً ما يهيم في المجاز؛ كقول (بدر بن عبدالمحسن) فيما غناه عنه صوت الأرض: »يا بنت للنجمة سما/‏ وأنا لي الوادي«!!
ويزخر تراثنا الغنائي ـ أيام الرَّوَقَان ـ بمثل هذه الألعاب اللغوية الدقيقة؛ ففي الأغنية الحجازية من أصل يمني (على العقيق اجتمعنا) يقول الشاعر: »ويا عُيوني (بضم العين) عَيُوني (بفتح العين أي أتعبتني من البكاء)، ويا جُفوني (بضم الجيم) جَفُوني (بفتح الجيم أي جفتني من السهر)«! ولكن حتى (محمد علي سندي) لم ينتبه للفرق الدقيق!
ومن ناحية أخرى كان المطربون والملحنون ـ أيام الروقان برضو ـ يجرون عمليات تجميل دقيقة في النصوص الشعرية، إذا دعت الحاجة؛ ففي قصيدة الزميل/‏ أبي فراس الحمداني (أراك عصي الدمع) كان السؤال بالنفي (أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمرُ)؟! فلا بد أن يكون الجواب بالإيجاب: (بلى)! وهو الموجود في ديوان الشاعر؛ لأن الجواب بـ(نعم) يقلب المعنى تماماً ليصبح: (نعم ما للهوى نهي عليَّ ولا أمر)!! لكن (أم كلثوم) أصرت على غنائها بـ(نعم أنا مشتاقٌ وعندي لوعة)؛ لأن الأذن لن تفرق بين (بلى) بالألف المقصورة، و(بلا) في شكلك يا بعيد!!
وقد أنجدتها عبقرية (السنباطي) الموسيقية ففصلت بين السؤال والجواب، لتكون جملة (نعم أنا مشتاق) استئنافية؛ أي جديدة وليست جواباً على السؤال!
أما السؤال اليوم فهو: من يسمع أصلاً لأغاني زمن الرَّوَقَان؟!!
نقلا عن مكه

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up