رئيس التحرير : مشعل العريفي

يا يحيى .. اقتل الخوف

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أكثر اللمحات الفنية الإيجابية التي تحتفظ بها ذاكرة الرياضيين للموهوب يحيى الشهري، عندما يتسلم الكرة ويشق طريقه بشكل رأسي نحو مرمى الخصوم، يتجاوز القادمين بمهارة ثم يسدد أو يمرر، وغالبا تهتز الشباك.
حدث ذلك في موسم 2014 أمام الاتحاد في جدة، استقبل الكرة كحكيم يدير الأحداث، هدأ من روعها، أمر المدافع الأول بالتدحرج على الأرض، بحركة ساحرة رمى بالآخر في اتجاه آخر، وشق طريقه للشباك، رفع يده يحتفل بالهدف، وترك صندوق المنافس كقطعة من الأرض أصابتها قنبلة، أمام الأهلي في الموسم ذاته فعل الشيء ذاته، وحدث ذلك أمام الشباب في موسم 2015، وأمام منتخب أستراليا، انطلق بشكل رأسي يتعرج متجاوزا الخصوم وعينه لا تغيب عن الهدف. في كل تلك اللمحات كان يحيى الموهوب ظاهرا بكل ما وهبه الله من مهارة، ما سواها فيحيى صورة نمطية متكررة، يفقد كرته بسهولة، ويمررها بلا فائدة، لأنه يهرب من أماكن الخطر في خطوط عرضية داخل الميدان لا تشكل خطرا، وتستنفد كثيرا من الوقت بلا جدوى.
قَدَمُ الفتى الجنوبي المولود في الشرق السعودي، حساسة جدا على الكرة، يداعبها بحنان، كموسيقار يشير بعصاه مغمض العينين، ويحكم سيطرته على كل الأوتار الموسيقية، يرفعها للأعلى فتتعالى أصوات القطع الموسيقية، يسير بها في موازاة صدره، فتنساب الألحان كخرير الماء في جداول جبلية، ويحيى كذلك، موسيقار يستولي على العصا في مسرح كرة القدم، لكنه يمسكها من المنتصف، وكما يقول المثل الأمريكي: "عندما تعطي الخوّاف عصا، سيمسكها من المنتصف"، وهنا عيب يحيى الذي ظل أسيرا له لا يغادره إلا في مرات قليلة كان فيها الإنجاز حاضرا، فلماذا لا يفعل كل مرة؟، ويكتفي بمرة، يأتي ذكرها مرة وسط مرات مُرة.
.. أتعبني يحيى الفنان، وأنا أبحث له عن سبب مقنع لخوفه الدائم من الالتحامات، أرهقني وهو يتنازل عن كرته بسلام أمام أي دخول من المنافسين، وفي كل مرة كنت أتذكر قول شوقي:
وما في الشجاعة حتف الشجاع
ولا مد عمر الجبان الجبن
.. يا لهذا اليحيى، يملك من المهارة كل شيء، ويفسد كل شيء، بشيء من الخوف، يا لهذا اللاعب الموهوب، يستطيع فعل كل شيء، ويختار أسهل شيء، ولو علم يحيى أن اللحظة التي أجبره فيها منافسه على التراجع، هي ذاتها اللحظة التي يخاف منه منافسه فيها، فلن يفعل ما فعل.
يا يحيى.. الوقت يمضي، المواسم تتراكم في الأرشيف، وأن تكتفي بلمحة من المشهد، رغم أنك تستطيع كتابة كل المشاهد، يا يحيى اقتل الخوف، يا يحيى "مع مرور الزمن نضحك على ما كنا نخاف منه سابقا"، فلا تترك الزمن يعبر بك إلى تلك الضفة بعد فوات الأوان.
نقلا عن الاقتصادية

arrow up