رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالله بن بخيت
عبدالله بن بخيت

رؤية أمير التحديات والآلام

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

لم تعد الظروف العالمية تمنحنا الفرص التي منحتها لنا في الماضي. التحديات تمددت حتى أصبحت تنشأ من الداخل. أتذكر كان عدد سكان المملكة عندما كنت طالباً في المتوسطة ثمانية ملايين نمسة. اليوم أصبحوا أكثر من ثلاثين مليوناً. قبل ثلاثة عقود كانت الدول تستطيع أن تغلق حدودها وتتصرف على هوى ما تمليه ثقافتها المحلية. اليوم فقدت الحكومات المحلية سيطرتها المطلقة على مناطق إدارتها. قبل ثلاثة عقود كان الإنسان العادي خاضعاً للرأي الذي يملى عليه من فوق، اليوم أصبح يشارك بصوته وبشجاعة. قائمة التحديات الجديدة طويلة ومعقدة. الروح التقليدية في رسم السياسات الاستراتيجية لم تعد معقولة. لا أفهم في الاقتصاد كثيراً. بيد أني أشارك النخبة في موقفها من الطريقة التقليدية التي يدار بها اقتصاد المملكة. منذ أن وعيت على هذا العالم وأنا أسمع عبارة (تنويع مصادر الدخل). تترد كل عام مع صدور الميزانية حتى ظننا ثم تأكدنا أنها جزء من ديباجة إعلان الميزانية فقط. طرح ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مشروعاً اسمه التحول الوطني. هو في الواقع تفعيل لهذه العبارة التي رافقتنا عقودا طويلة. في برنامج التحول الوطني يطرح الأمير فكرة متكاملة لإنجاز عملية التحول في مدد معينة وفي أقرب فرصة مستفيداً من الإمكانات المتاحة قبل تلاشيها. الفرص الكبيرة لا تتكرر. من حسن الحظ أن تقلد الأمير الشاب منصبه القيادي في ظل تحديات كبرى. لأول مرة يمكن القول إن القيادة تكليف وليست تشريفاً. سمعت أن الأمير يعمل ست عشرة ساعة يومياً، ويمتلك روح الانضباط التي اشتهر بها والده والذي أعرفه أنه مستمع جيد. يأخذ من كل إنسان رأيه. لا ينتظر أن تقول له ما يسره. نخبة مستشاريه المتنوعة في التوجهات والتعليم تؤكد ذلك. في تصريحاته الأخيرة أكد سموه أنه يعلم أن التحول الاقتصادي لا يمكن أن يتم بمعزل عن التحول الاجتماعي. أمور كثيرة تستوجب اتخاذ قرارات قد لا تسر بعض الفئات الاجتماعية. لكن طالما أن هناك رؤيا شاملة وهدفاً محدداً ووقتاً للتنفيذ ستكون بعض القرارات مؤلمة موقتاً ولكنها في النهاية ستنتج جسداً ثقافياً صحياً يغذيه اقتصاد منتج حقيقي، عندئذ سيقتنع المواطن أن ما يريد الأمير تحقيقه هو هدف الجميع. حماية مستقبل المملكة ومنجزاتها وضمان حياة كريمة وشريفة للأجيال القادمة مع الإحساس أن المملكة ستكون شريكة في صناعة العالم وليست مجرد دولة تعتاش على منتج الصدفة. التحول الوطني يعني تحريك كل شيء وإعادة ترتيبه أو إصلاحه أو إلغائه. ثمة آلام كثيرة ستنشأ. كثير منا سيفقد امتيازات حصل عليها في ظروف لم تعد موجودة. يجب إقناع الناس بالحقيقة القادمة. ستتحمل الدوائر الإعلامية مشقة مخاطبة الناس وإشراكهم في عملية التحول. يجب أن يعلم كل مواطن: إما أن نتخذ قرارات كبيرة على المستويات كافة أو نخاطر بمستقبلنا. هكذا يجب أن يقتنع المواطن السعودي بقناعة لا لبس فيها. الطريق شاق وصعب وسنواجه تحديات مفاجئة، لم نسجلها على الورق أثناء رسم الخطة.
أن نجرب أخطاء جديدة خير من الإصرار على خطأ واحد عقوداً طويلة.
نقلا عن الرياض

arrow up