رئيس التحرير : مشعل العريفي

عضو الشورى "الحارثي" يعلق على اعتذار القرني .. ويكشف كيف تخفت "الصحوة" تحت ستار الجماعة الدعوية لخداع المجتمع

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد: سلط عضو مجلس الشورى، الدكتور زهير الحارثي، الضوء على ما أحدثته الصحوة في المجتمع وما أعقبه من اعتذار أحد رموزها الشيخ عائض القرني، في مقال له نشرته صحيفة المرصد "حصريا " بعنوان "الصحوة والمجتمع.. الإشكالية ليست في الاعتذار!" .
عقدين من التطرف وقال "الحارثي": "فجر عائض القرني قنبلة من العيار الثقيل حينما اعتذر للشعب السعودي عما اقترفته الصحوة في حق المجتمع معترفًا بالأخطاء التي اُرتكبت وهي شجاعة وبادرة جريئة لافتة تحسب له بغض النظر عن أي شيء آخر، الأمير خالد الفيصل كان من أوائل من حذروا من خطورة هذا الفكر فقبل أكثر من عقدين حذر من التطرف الديني في زمن الصحوة، الأمير لم يكن يتحدث من فراغ فالأمر جلل بكل تأكيد ولم يكن بعيدًا عن الساحة وهو المثقف الفطن لاسيما وأن منطقة أبها كالقصيم آنذاك كانتا معقلًا لإنتاج هذا الخطاب المتشدد من خلال رموز وقيادات صحوية استغلت البيئة المحافظة لزرع أيديولوجيتها".
فضح مخططاتهم وأضاف: "كان الأمير مستوعبًا لمكنون الخطاب ومدركًا لأبعاده ومستشرفًا لمآلاته المستقبلية، حديث الأمير لم يستوعبه الكثيرون رغم أهميته كون الغالبية كانت مدجنة وغير مدركة لما يُخطط لها، غير أن الأمير المخضرم بألمعيته وحدسه استطاع فضح مخططاتهم وكشف أجندتهم؛ مفندًا رؤيتهم بطرح موضوعي وعقلاني كان للوسطية والوطنية النصيب الأكبر فيه".
خطورة الصحوة وتابع "الحارثي": "تمضي الأيام ليأتي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عراب السعودية الجديدة ليؤكد بشفافية خطورة مشروع الصحوة مؤكدًا أن المملكة لم تكن كذلك قبل 1979، ويقول: نحن فقط نريد العودة لما كنا عليه، الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان وعلى جميع التقاليد والشعوب، وبكل صراحة لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار متطرفة سوف ندمرهم اليوم بإذن الله".
هجوم شعبي وأشار إلى أن "تيار الصحوة يواجه اليوم هجومًا شعبيًا وجردًا لحساباته في بلادي وإلى أي مدى ساهمت في تعطيل المسار التنموي وطمس الوعي الاجتماعي وإعاقة كل تحول إيجابي، جاء اعتراف القرني ليخلق جدلًا في المملكة ما بين مؤيد ومعارض وفئة ترى أن الإعتذار ليس كافيًا وآخرون طالبوا بقية الرموز بحذو ما قام به القرني، الرجل كان يمثل أحد الرموز المؤثرة للحركة آنذاك وتمثل السرورية لب فكرها (خليط ما بين النهج السلفي مع الحركي الإخواني) ولعبوا رموزها وقتها دورًا معارضا للدولة وسلوكًا متشددًا ومتزمتًا تجاه المجتمع في الثمانينات ومارسوا التصعيد مرورًا بمذكرة النصيحة ومن ثم موقفهم الشهير أثناء حرب الخليج حتى حدوث المواجهة معهم بعد تحريضهم لأعمال العنف في أحداث بريدة 1994، بعد خروجهم من السجن في نهاية التسعينات لم يتوقفوا عن المشاكسة والمماحكة لتأتي أحداث 11 سبتمبر والذين تعاطفوا مع مرتكبيها وشهدت خطابًا تحريضيًا غير مسبوق لتكريس الكراهية والصدام العنفي مع الآخر، كثير من معتنقي التيار الصحوي انخرطوا في الجماعات المتطرفة وكان محفزهم في هذا المسار خطاب رموز الصحوة الذين ظلوا يدفعونهم للذهاب إلى المناطق الملتهبة مباركين عملياتهم الإرهابية".
كيان ثوري وأكد "الحارثي"، أن "الصحوة لم تكن جماعة دعوية بل كيان ثوري وسياسي خفي بدليل أدبياتها وخطاباتها المطروحة في تلك الفترة فضلًا عن الطموح السياسي الذي اتسق مع المشروع الإخواني العابر للقارات، أحد الأساليب الذكية للهيمنة على المجتمع كانت توظيف الدين واستغلاله للسيطرة والوصاية على المجتمع وبالتالي فرض فكرها وبرامجها ومشاريعها فكان ثمة استسلام مجتمعي منذ الثمانينات".
هيمنة الصحوة وأكمل بقوله: "نحو أربعين عامًا ومجتمعنا ظل تحت هيمنة الصحوة ونفوذها في أغلب مؤسسات الدولة واشتغلت على وضع برامجها بعدما شكلت البئية الحاضنة لها، تلاشت الفنون والآداب ووسائل الترفيه وتم التضييق على المرأة وضُخ المجتمع بجرعات وعظية لدفع المجتمع نحو القطيعة مع قيمة الحياة واقحامه في عزلة لا ترى إلا الظلام والموت والتحريم، ذهب آلاف الشباب ضحية مشاريع تدميرية في بلدان عدة والنتيجة الأمهات الثكلى والأرامل والأطفال اليتامى، الإباحة كانت هي الإستثناء والتحريم بات هو الأصل وظل خطاب الصحوة بشموليته هو المهيمن والأداة التي يستخدمها أيًا من كان لقمع من يريد إسكاته أو يخالفه الرأي، أصبح من ينتمون لهذا التيار فكرًا لهم الصدارة والحظوة والمكانة الاجتماعية في حين من لا يساير فكرهم وأساليبهم وأشكالهم يُصنف زنديقًا أو فاسقًا فلا قيمة له بل يتم التشكيك في عقيدته وأخلاقه".
حتى لا يتكرر خطف المجتمع وختم "الحارثي"، بقوله: "المسألة ليست في كون اعتذار الصحوة كافيًا أم لا رغم أهمية ذلك بقدر ما أن المهم هو أن يدرك ويستوعب الجيل الحالي فداحة ما حدث في العقود الماضية وأن يكون يقظًا ونابهًا حتى لا يتكرر خطف المجتمع مرة أخرى".

arrow up