رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالله بن بخيت
عبدالله بن بخيت

مجدنا ينتظرنا في المستقبل

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

مهما كانت نياتك لا يمكن أن تصل إلى جدة وأنت تسير في الطريق الذاهبة إلى الدمام. لا يمكن أن تبني أمة حديثة إذا كان طموحك مرتهناً باحياء الوهم. المعركة التي أعلنها سمو الأمير محمد بن سلمان ليست مع عدو بل مع منافس. لا تخاض بالسلاح أو بالكراهية أو بالعزلة. تنهض الأمم بالنهضة الداخلية والانفتاح. نتحدث عن كوريا وماليزيا والصين وغيرها من الدول التي نهضت بسرعة وبشكل مذهل. ليس في الأمر معجزات. اعتمدوا نفس الرؤية التي يطرحها سمو ولي ولي العهد وارعوها بالثبات والتضحيات واختراق حاجز الوهم والخوف وعدم الإذعان لمصالح تجار الماضي. هذه الخطة بهذا الحجم لا ينفذها كبار المسؤولين أو المهندسين أو البيروقراطيين وحدهم. تحول كبير كهذا يحتاج إلى إيمان رجل الشارع أولاً. البحث في إمكانية مقاومته للتغيير وما هي أسبابها ومن يقف ويدعم هذه المقاومة وما هي مصلحة من يدعم مقاومة التغيير وكيف يكون العمل لإماطته عن الطريق. ثمة مقولة يقال إنها انطلقت من كوريا الجنوبية: (فكر عالمياً واعمل محلياً). رؤية الأمير محمد بن سلمان هي في الواقع ترجمة حرفية لهذه المقولة. هذه المرة الأولى التي أرى فيها خطة عمل تعترف أن المملكة دولة تقع وسط العالم. هذا التفكير العالمي يتطلب تسامحاً أصيلاً ونظرة إيجابية تجاه الحياة. لا يمكن أن تسير الأمور إذا كان جزء من المواطنين يسعون لإنجاز هذا المشروع وجزء آخر وظيفتهم إحباطه أو التشكيك في قيمه، كما يحدث مع المشروعات التحديثية باستمرار. رؤية بهذا الحجم لا يمكن أن يكتب لها التحقق إذا لم تصبح جزءاً من إيمانات رجل الشارع العادي. قوة النخبة وحدها لا تكفي. هؤلاء النخبة كما هي الحال دائماً سيكونون ضحية للإحباط. نحن اليوم نتحدث عن أعلى درجات التغيير. عندما يقول الأمير إن مشروعنا هذا سيبتلع كل المشاكل التي نعاني منها فنحن لا نقف أمام مشروع جزئي كالابتعاث. هذا الاتجاه يحتاج إلى شعب منتج مؤمن بقيم العمل وقبل كل هذا يؤمن أن المستقبل موجود ويتوجب الذهاب إليه دون أن نحمل معنا الأثقال. لعلنا نستعير عبارة قالها أحد الساسة الأميركان:(مجدنا ينتظرنا في المستقبل). أولى القيم الجديدة يجب أن يدخل في روع المواطنين أننا في هذه المملكة شركاء في هذا العالم. ليس بيننا وبينه عداء سوى المنافسة في ميدان التفوق. لنقارن بين الكوريتين لنعرف معنى أن تكون شريكاً مع العالم وتتفوق عليه أو تكون في حالة شك أو عداء مع هذا العالم. كلا الكوريتين تنتسبان لنفس العرق البشري ونفس اللغة ونفس المرجعية الثقافية والتاريخية. الفرق فقط في مناهج التعليم. مناهج كوريا الشمالية تعلم أطفالها العداء للعالم والصراع معه والشك فيه، والمناهج الجنوبية تعلم التلاميذ الشراكة مع العالم والمنافسة الإبداعية والفيزياء والكيماء والرياضيات. النجاح في رؤية بهذا الحجم لا يحتمل تضارب المعايير الأخلاقية تجاهها. يجب أن ينحصر نقدها في الانحراف عن الأهداف لا يمس القيم التي تسود فيها. انقضاضنا بشركة أرامكو على العالم يجب أن يغير مفهوم تصارعنا مع هذا العالم ليكون كما هو الصراع المرير الدائر بين كوريا الجنوبية وأميركا. هذه بسلاح سامسونج والأخرى بسلاح آي فون. ليس للدم أو الحقد أو قروح الماضي مكان بين المتفوقين.
نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up