رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

الحياة كلها: يا طارح يا مطروح

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ذكر لي أحدهم أنه أثناء دراسته في جامعة (أكسفورد) الشهيرة، كان له زميل إنجليزي أوتي من الذكاء والألمعية الشيء الكثير، وهو ملم بتاريخ الجامعة وقوانينها، ووجد في لوائحها بنًدا يعطي الحق للطالب في الحصول على كوب من (البيرة) ­ أي (الجعة) ­ وذلك أثناء جلوسه في الامتحان. ويمضي قائلاً: إنني تفاجأت به وهو يدخل علينا قاعة الامتحان وبيده كوب كبير مترع بالبيرة، وعندما احتج عليه المسؤول ما كان منه إلا أن يلقمه حجًرا بإظهار البند الذي يجيز له ذلك. أسقط في يد المسؤول، إذ إن الإنجليز عموًما يخضعون ويلتزمون بالقوانين، فتركه وشأنه (يقعب) وخرج. ويبدو أن ذلك المسؤول ذهب لينقب هو كذلك في اللوائح القديمة ليتأكد من مصداقية ما ذكره الطالب، وما هي إلا نصف ساعة حتى دخل القاعة ومعه ثلاثة أساتذة ليخبروه بأن اللوائح العتيقة تعطيه الحق فعلاً في أن يشرب كوًبا من البيرة، ولكنها تنص أيًضا على شرط بأن يضع سيًفا إلى جواره، وبحكم أنه قد أخل بذلك الشرط، فقد حكموا عليه في الحال بغرامة يجب أن يدفعها وهي 150 جنيًها، إلى جانب أنهم ألغوا امتحانه، واعتبروه راسًبا. المحصلة أن الحرب بينه وبين المسؤول كانت مجرد حرب قانونية انتصر فيها هو في البداية، ولكنه هزم فيها بالنهاية، وامتثل للحكم صاغًرا. قلت لمن حدثني عن هذه الواقعة: إن هذه دلالة على أنك مهما كنت ذكًيا ومنقًبا ومعتقًدا ألا يقدر عليك أحد، فستجد من حيث لا تتوقع من هو أذكى وأشطر منك. نحن لم ننزل من بطون أمهاتنا عباقرة ولا أغبياء، ولكن هناك من يتعب حاله ويشتغل على نفسه بالتنقيب، فالحياة كلها صراع، يا طارح يا مطروح. وقليلاً لا بعيًدا عن الموضوع، فقط قرأت للدكتور المتألق فؤاد عزب حادثة تتعلق بالصراع أو الحرب، وذلك عندما احتل الملك كونراد الثالث قلعة ونسبيرغ الألمانية عام 1140 ،أمر النساء فقط بالخروج ولهن الحق بحمل ما يمكن حمله، فقمن بحمل رجالهن الجنود الأسرى على أكتافهن، وأطلق على القلعة لاحًقا اسم (قلعة النساء الوفيات). المأساة أن الذين نفذوا بجلودهم هم الرجال الضعفاء الخفاف، أما أصحاب الأوزان الثقيلة الذين عجزتنساؤهم عن حملهم فقد ضربت أعناقهم. وعلى ذكر الضرب هناك نصيحة بدوية (رومانسية) تقول: (اضرب النسا بالنسا، والحمير بالعصا)، بمعنى أنك إذا أردت أن تعاقب زوجتك تزوج عليها ­ أي اضربها بامرأة أخرى، مثلما تضرب الحمارة بالعصا. إنها (الفحولة) التي لا يخر منها الماء، ولكن يخر منها الزفت والقطران.
نقلا عن الشرق الاوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up