رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

بين عيد الصمت وعيد الطماطم

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

المسلمون لهم عيدان فقط؛ وهما: 1- عيد رمضان ويسمونه الصغير ويطلق عليه إخواننا أهل مصر عيد (الكحك). 2- عيد الضحيّة ويسمونه الكبير، ويطلق عليه عيد اللحم. وأعترف أنني لم أستمتع وأفرح بالعيد إلاّ في صغري بسبب العيديّة والحلاوة والمراجيح وعدم الذهاب إلى المدرسة. أما الأعياد عند الملل والشعوب الأخرى فحدثوا عنها ولا حرج، فهي أكثر من الهموم على القلب وحضرت بعضها. ولكن لفت نظري منها عيدان، وذلك لغرابتهما؛ الأول عندما كنت في رحلة إلى مقاطعة (نيابي) في إندونيسيا، وصادف ذلك الوقت أن مر علينا ما يعرف عندهم بعيد (الصمت). ويتميز عن غيره بأن سكان المقاطعة يصومون فيه عن الكلام أو الخروج من المنازل، أو سماع الموسيقى وغيرها من النشاطات، وذلك طوال يوم كامل (24 ساعة)، حتى إن السلطات تنشر دوريات الشرطة والحراسات في الشوارع حتى تتأكد من وجود الجميع داخل منازلهم، صامتين ويتأملون، بعيداً عن ضوضاء وإزعاج الراديو أو التلفزيون، وأيضاً يتم الطلب من السياح في الفنادق أن يبقوا أجهزة التلفزيون في غرف الفنادق بصوت منخفض احتراماً لهذا اليوم، والذي أزعجني في ذلك الوقت أنه كانت هناك مباراة في كرة القدم منقولة على الهواء بين برشلونة وريال مدريد، واضطررت أن أخفض الصوت وأنا أتميز من الغيظ. والعيد الثاني الذي حضرته هو عيد (الطماطم) في إسبانيا، ويقام في مدينة (بونول) في شهر أغسطس (آب)، وبدأوا باستحداثه في أواسط الأربعينات الميلادية من القرن الماضي، حيث كثر إنتاج الطماطم وكسد سوقها، فاضطر المزارعون إلى رميها في الشوارع والساحات، وتتقاذف به الجماهير في حرب هوجاء تستمر 90 دقيقة وهم يضحكون ويرقصون. ومن دون شك كان ذلك العيد من أسوأ الأعياد التي حضرتها، فبينما كنت مستغرقاً بالفرجة والتصوير، وإذا بعدة قذائف من الطماطم الكبيرة تفاجئني وتنهال على وجهي وصدري، إلى درجة أن نظارتي سقطت وكسرت، وأخذت أتفوه بألفاظ سوقية من الصعب أن أكتبها، وكلها موجهة إلى نفسي التي أرغمتني على حضور مثل ذلك العيد المجنون. أرجع وأقول: إن أروع الأعياد هي أعيادنا، والحمد لله الذي أكرمنا بها، وها نحن نردد ما قاله الشاعر ابن الرومي: ولما انقضى شهر الصيام بفضله تجلى هلال العيد من جانب الغرب كحاجب شيخ شاب من طول عمره يشير لنا بالرمز للأكل والشرب والآن أكتب لكم هذا المقال متبغدداً وفي يدي اليمنى قلم الرصاص، وفي يدي اليسرى (بيتيفور) بالشوكلاته.
 
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط

arrow up