رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

حبيبتي مروحتي

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

أنا من أنصار نومة (القيلولة) حتى ولو لعدة دقائق، المهم أن أغيب عن الدنيا وما فيها، وأكثر ما يغيظني ويكدر صفو نومي هي الأصوات المزعجة التي تأتيني من الخارج، وتقتحم عليً هجعتي وخلوتي في غرفة نومي، ولكي أقضي عليها تفتقت عبقريتي على شراء مروحة هوائية صغيرة أكبر ما فيها صوتها المتصل على وتيرة واحدة لا ترتفع ولا تنخفض طوال ثماني ساعات في نومتي الليلية، ونصف ساعة في نومتي الظهرية، إلى درجة أنني أحملها في سفراتي الداخلية والخارجية حتى لو ذهبت إلى بلاد (الواق واق)، فإنني أحملها معي قبل حقيبة سفري، والغريب أنه مضى على رفقتها معي أكثر من 25 عاماً وهي لم تتذمر أو تتعب أو تتعطل في أي يوم من الأيام، إلى درجة أنني بدأت أشك أنها (مروحة جنيّة). أعود إلى القيلولة التي أصبحت عند بعض الشعوب الأوروبية كإسبانيا وإيطاليا أمراً ضرورياً مهما كانت شدة انشغال الناس. ويمنع الضجيج خلال وقت الـ(SIESTA) - أي القيلولة - في هذه الدول من الساعة الواحدة وحتى الثالثة من بعد الظهر، أما عاقبة خرق القوانين فغرامة مالية كبيرة قد تصل إلى 450 يورو. وينصح الأطباء بالركون إلى النوم ولو لدقائق قليلة بعد الغداء، لما لذلك من فوائد صحية ونفسية، كما يؤكدون أن لها أيضاً فاعلية في الحماية من الجلطات القلبية والدماغية. ومنذ صغري وأنا أسمعهم يرددون أن (النوم سلطان) ولا ألقي لما يقولونه بالاً، لأنني من أنصار عمر الخيام الذي قال: فما أطال النوم عمراً، ولا قصّر في الأعمار طولُ السهر. غير أنني أجزم أن سلطانة النوم عن جدارة هي الكندية تيفاني آدمز التي كانت مسافرة من كيبك إلى تورونتو في رحلة مدتها ساعة ونصف، وغرقت في نومة عميقة في آخر الطائرة، ونزل جميع الركاب والكباتن والمضيفين، والعجيب أنهم لم يفطنوا للسلطانة النائمة، لهذا أغلقوا عليها الأبواب، ولم تصحُ إلا بعد منتصف الليل، وقامت مذعورة تتخبط في ظلام دامس وبرد شديد، وزاد رعبها عندما وجدت أن هاتفها المحمول غير مشحون وبطاريته فاضية. وعند الفجر أتى عمال النظافة والمسؤولون ليهيئوا الطائرة لرحلة جديدة، ليفاجأوا بهذه المرأة الشعثاء الممتلئة عيناها بالغمص تخرج عليهم وهي تتنطط وتأخذهم بالأحضان من شدّة الفرح. أما ما يخصني فلا أذكر أنني نمت بالطائرة في أي رحلة حتى لو كانت مدتها 17 ساعة متصلة، والسبب أن مروحتي العزيزة يرفضون أن أحملها معي في داخل الطائرة.
نقلا عن الشرق الأوسط

arrow up