رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

باي باي يا فتحية

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

كثيرون هم من يشعرون بالوحدة، فقد أظهر مسح أميركي أن 96 مليون شخص في الولايات المتحدة عزاب من دون شريك، أي ما يشكل 43 في المائة من الأميركيين، ويعرف العَزَب بالشخص غير المتزوج والمطلق والأرمل، وأظهر المسح أن 61 من العزاب لم يتزوجوا من قبل، و24 في المائة هم من المطلقين و15 في المائة منهم أرامل، وأظهر المسح أن أكثر من 31 مليون شخص من العزاب يقيمون وحدهم. وأنا واحد منهم، مطلق أرمل عَزَب أقيم وحدي وعلى باب الله، بعكس صديقي فؤاد عزب، المتزوج وغير المطلق أو الأرمل لا سمح الله، ومع ذلك يشعر بالوحدة أحياناً، ولكي يكافح ذلك الشعور يمارس المشي الطويل الذي يعتبره على حد قوله: أفضل الطرق لمراوغة ألم الحياة. وعندما أعياه التعب يوماً من طول المسافات التي قطعها، ما كان منه إلاّ أن يقعد على كرسي خشبي تحت ظلال شجرة في إحدى الحدائق، وبينما كان يلتقط أنفاسه، إذا به يلمح نقشاً ذهبياً عميقاً على جسد الكرسي، كُتب عليه: لن أفقد إيماني بالحياة... إهداء إلى روح زوجتي كارول. ويمضي فؤاد قائلاً: صمتُ لحظة بعد أن صدمتني الفكرة (إهداء كرسي لحديقة عامة صدقة جارية على روح من فقدنا!!)، في طريقي للبيت أخذت أتتبع كل إهداء مكتوب على كل كرسي أمر به، كم هي متعة كأنني أقرأ أسفاراً قديمة أسبح معها، أفقت من نشوة اكتشافي، أطرقت رأسي في وجل ثم رفعت رأسي للسماء، وابتسامة مرارة على شفتيّ، خرجت مني زفرة عميقة، وأنا أتساءل: هل هناك فكرة بديلة عن الصدقة الجارية غير ثلاجة الماء الصدئة أمام كل بيت؟!... انتهى. وبما أننا ما زلنا في صدد العزاب والمتزوجين، دعوني - لو سمحتم - أخرج من هذه (الدراما) قليلاً وأروي لكم ما حكاه لي أحدهم عندما قال: كنا ثلاثة من العزاب اتفقنا في الإجازة الأسبوعية على أن نذهب لقضاء يومين في البحرين، وعلم بذلك صديقي المتزوج فأصر على الذهاب معنا، وخصوصاً أن زوجته قد ذهبت لزيارة أهلها، وانضم معنا في السيارة، ومددت يدي بالجوازات الأربعة للعسكري الذي أخذ يتفرسها مليّاً، ثم توجه لنا يسألنا: من منكم (فتحية)؟! فأُسقط في يد صديقنا، حيث إنه من عجلته وفرحته بالرحلة، غلط وخطف جواز سفر زوجته بدلاً من جوازه، وأخذنا جميعاً نضحك بما فينا العسكري، بينما كان صديقنا يتصبب عرقاً من شدة الخجل، واضطر المسكين إلى أن ينزل من السيارة، بينما انطلقنا ضاحكين ونحن نشير له بأيدينا قائلين: باي باي يا فتحية.
نقلا عن الشرق الأوسط

arrow up