رئيس التحرير : مشعل العريفي
 عبدالله بن بخيت
عبدالله بن بخيت

الإنسان ليس فكرة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

حسب ما تناقلته الأنباء وبيانات الأمم المتحدة يواجه المسلمون في بورما أشكالا من الاضطهاد والتهجير. ما الذي يحدث لهؤلاء الضعفاء وما السبب وإلى أي مدى يدرك المعتدون حجم اعتدائهم وكيف يبررونه وما هي الأسباب التاريخية والدوافع العنصرية. ولماذا الآن وليس من قبل. من الصعب الإجابة على هذه الأسئلة إذا لم نجب أولاً على السؤال: من هم هؤلاء الذين يمارسون الاعتداء. من هو الشعب البورمي. وما هي وجهة نظرهم فيما يحدث؟ لم أقرأ مقالاً أو دراسة أو حتى تغطية صحفية عن هؤلاء البورميين. كل ما أعرفه عن هؤلاء البورميين أنهم معتدون. لا يوجد في خيالي أي تصور إنساني عنهم. لم أتجاور مع أحد منهم ولم تتح لي فرصة زيارة بلادهم. مجرد فكرة سلبية لا تقبل التنازل. فرق بين أن نسعى إلى رفع الظلم عن المسلمين وبين أن نقاتل أعداء المسلمين. رفع الظلم عن المسلمين يعني أن نتعرف على عدو المسلمين ونتعرف على إمكانية الحوار معه وإمكانية شرح المواقف له وإمكانية تفهم ما يصيبه من هؤلاء المسلمين. الحرب أي حرب كانت هي الدفع العنيف للسلام وليس عمل إبادة او إزالة أو قهر وإذلال. إذا كنت تملك التفوق اليوم فقد تفقده في أي يوم. يقول تعالي(تلك الأيام نداولها بين الناس) ولم يقل نداولها بين المسلمين. السبيل الوحيد للنصر في زمن ضعفك هو عدلك أيام قوتك. الإنسان يميل بطبعه إلى تكوين رأي عام أو فكرة عن كل شيء يصادفه. ربما سلبية وربما إيجابية. اليابانيون شعب منظم البريطانيون شعب استعماري وهكذا. الإنسان لا يكتفي بالمعلومة عارية. يحتاج أن يدخلها ضمن منظومة فكرية. لو شاهدت أميركياً يشرب قهوة بكثرة ثم شاهدت أميركياً آخر يشرب قهوة بكثرة مرة أخرى على الفور سوف تشكل فكرة أن الأميركان يحبون القهوة. ستتجاهل أن الأميركان ثلاث مئة مليون نسمة وليسوا اثنين فقط. من الصعب أن تتخلى عن هذه الفكرة بعد ثباتها حتى لو واجهت تحديات. معظم معلوماتنا ومواقفنا وقراراتنا كبشر قائمة على هذا النوع من الانطباع. من الصعب أن يكلف المرء نفسه البحث عن الحقيقية أو الوجه الآخر من الحقيقة. وخاصة إذا جاءت الأحداث على هوى ما يريد. ظننت قبل سنوات قليلة أن هذه الحالة سوف تتراجع ويحل محلها عدل العقل. دخول محركات البحث مثل قوقول ستغير علاقتنا بالمواقف والانطباعات. المعلومة والمعلومة المضادة بين أيدينا. عندما تسمع أي حادثة أو أن يسوق أحدهم موقفا يريدك أن تشاركه الإيمان به تسارع إلى قوقول وتطلب الرأي الآخر. تبحث عن الصورة الكاملة. لكن يبدو أن الأمر أكثر تعقيداً مما ظننت. لاحظت أن الناس تتبنى رأي من وضعوا ثقتهم فيه بغض النظر عن صدقه أو كذبه وبغض النظر عما يتعرض له مصدر الثقة هذا من فضائح.
نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up