رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

كل عيد وأنتم بخير

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ارتبط العيد في ذهني أيام الطفولة بثلاثة أشياء: الثياب الجديدة وعيديّة الريالات والمراجيح، معتقداً أن هذه هي حلاوة الدنيا. وأكثر ما كان يتعسني بالعيد الكبير هو ذبح خروف الأضحية، بعد أن أكون قد تعرفت عليه، وعقدت معه صداقة، وعلفته البرسيم بيدي الصغيرة، ثم يأتون بكل بساطة ويجرونه للذبح، وفوق ذلك كانوا مع الأسف يحثوننا ونحن صغار لنشاهد هذه المجزرة لنكتسب الشجاعة، وكان هناك ابن عم لي من أقراني أخذته العزة بالإثم وأصر على أن يذبح هو الأضحية بنفسه، فأمسكوا بالخروف المسكين وطرحوه أرضاً، وأعطوه السكين، وما أن حزّها على رقبته حتى انتفض وتطاير الدم على الجميع، وانطلق يرثع، غير أن الرجال تكالبوا عليه وكانت نهايته المأساوية، في الوقت الذي أطلقت فيه أنا ساقي للريح من شدة الرعب، وبدلاً من أن أكتسب صفة الشجاعة، أصبحت أجبن خلق الله إنساناً، وإلى اليوم ما أن أشاهد أي خروف، حتى ينمعص قلبي متذكراً ذلك المشهد «الدراماتيكي»، الذي لا يبتعد عن أفلام «هيتشكوك». عموماً، الأضحية هي شعيرة من شعائر الإسلام وسنّة مؤكدة، والأصل في مشروعيتها قوله تعالى: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ»، وكانت موجوده قبل الإسلام، غير أنهم كانوا لا يأكلون منها، فأجازها الرسول، عليه الصلاة والسلام. ونشكر الله؛ فأعيادنا هي أكثر الأعياد بهجة، ولتتأكدوا من ذلك إليكم هذا العيد في إسبانيا بقرية لاس نيغس: ففي 29 يوليو (تموز) من كل عام يحتفلون بعيد الاقتراب من الموت، حيث يتجمع فيه مئات الأشخاص من سكان هذه القرية، وبخاصة هؤلاء الذين فقدوا أحد المقربين منهم، أو مروا هم أنفسهم بتجربة خطيرة كادت تفقدهم حياتهم، ويبدأون بمشاركة قصصهم مع الآخرين، لكن الأمر الأكثر رعباً، هو قيامهم بارتداء أكفان بيضاء، والنوم في توابيت مفتوحة. وأنيل – أي أزفت - من هذا العيد هو ما يحصل في بوليفيا: ففي شهر مايو (أيار)، ومنذ قرابة 600 عام، يحتفلون بما يعرف بعيد «ضرب الجيران»، حيث يخرج الجميع من بيوتهم ويبدأون في ضرب جيرانهم بكل ما أوتوا من قوة وعزم؛ إذ يعتقد الشعب البوليفي أن تبادل اللكمات والضرب بينهم يجلب لهم الحظ ويزيد من وفرة محاصيلهم الزراعية. الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام وأوصانا «بسابع جار» – تخيلوا لا سمح الله - لو أن ذلك العيد عندنا، لكنت أنا أول المتضررين، حيث إن جيراني كلهم من أصحاب الأوزان الثقيلة والعضلات المفتولة، وأنا يا حسرة من وزن الريشة، عندها لا شك أن يوم العيد سيكون أتعس يوم في حياتي.
نقلا عن الشرق الأوسط

arrow up