رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد الساعد
محمد الساعد

لم تستيقظ السعودية لتقول غدا لدينا حرب في اليمن!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ليس من هوايات السعودية أن تطلق الحروب ولا أن تغزو الدول، وليس من خياراتها أن تدفع بجيوشها للقتال، وكل المعارك التي انخرطت فيها كانت دفاعا عن أمتها العربية، في فلسطين وتحرير الكويت وأخيرا اليمن.
بل إن الرياض في علاقاتها مع اليمن بشطريه الشمالي والجنوبي هي التي تعرضت للإيذاء ومحاولات الاعتداء طوال عقود، وعلى الرغم مما بذلته من مساعدات وأموال وتغافل عن كثير من الخشونة السياسية ومحاولات تقويض مصالحها إلا أنها قدمت التسامح والأخوة والجيرة وفضلتها على غيرها من الخيارات.
ولعلنا نُذكِّر هنا بأن حرب الوديعة التي قام بها اليمن الجنوبي إبان الحكم الماركسي في العام 1969 ضد السعودية كانت اعتداء غير مبرر، ومحاولة من القوات الجنوبية لاحتلال منفذ شرورة والتوغل إلى داخل أراضي المملكة. بالتأكيد تمت إبادة المهاجمين وإلحاق هزيمة مدوية بهم، إلا أن ذلك أكد السياسة السعودية القائمة على عدم الاعتداء على الغير وفي نفس الوقت الرد الصارم على من يحاول اختبار المملكة.
في العام 2009 تعرضت حدود المملكة المحاذية لليمن الشمالي لاعتداءات مستفزة ومتتالية من المليشيات الحوثية، عرضت سكان القرى والمدن السعودية لأخطار جسيمة. كانت تلك الحرب جزءا من ترتيبات دول معادية انخرطت فيها «إيران، وقطر» تمويلا وتخطيطا لنقل الحرب اليمنية - بين صنعاء وصعدة - إلى داخل المملكة، بعدما فشلت الحملة العسكرية التي قادتها القاعدة، المدعومة أيضا من إيران وقطر، في الأعوام 2003- 2006، في إحداث أي أضرار بالمملكة. لقد أفشلت الرياض تلك المخططات، وقامت بواجبها في الدفاع عن نفسها وشعبها. والمليشيات الحوثية عرضت نفسها لمطاردة الجيش السعودي الذي دفعهم إلى داخل أراضيهم ملحقا بهم هزيمة كبيرة، وتعهدهم بالتوقف عن أي محاولات مستقبلية.
في العام 2015 وبعد اشتداد الأزمة في اليمن وقيام المليشيات الحوثية بالانقلاب على الشرعية والاستيلاء على أسلحة نوعية كالطائرات والصواريخ العابرة والسيطرة على القواعد العسكرية والبنوك والمصارف، ناشدت الحكومة الشرعية في صنعاء المجتمع الدولي وبالأخص الدول العربية لمساعدتها في إعادة العاصمة صنعاء إلى سلطتها وردع المليشيات الانقلابية. كان ذلك جزءا من مواجهة مشروع «التفريس» الذي حاولت فرضه إيران عبر المليشيات الحوثية.
علينا أن نتذكر دائما أن السعوديين لم يستيقظوا ذات صباح ليقولوا «نريد أن نعلن الحرب في اليمن» ولا في غيرها، فالحرب اليمنية بين الشرعية والحوثيين مشتعلة أساسا منذ 2004 واستغرقت ست حروب، والخلافات والصراعات بين مختلف الفرقاء في اليمن هي جزء من ثقافة يمنية تعلي من شأن الاقتتال على حساب التنمية والاستقرار، كان آخرها الاستيلاء على الحكم في صنعاء والانقلاب على الشرعية، وهو ما استلزم صدور قرار من مجلس الأمن يفوض السعودية ودول التحالف بتحرير اليمن وإعادة الشرعية.
الحرب «اليمنية اليمنية» قائمة اليوم على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي صدر في 14 أبريل من العام 2015، متبنيا فرض عقوبات طالت زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، المتهم بـ«تقويض السلام والأمن والاستقرار» في اليمن، تمثلت في تجميد أرصدته، وحظر سفره للخارج. هذا القرار هو الذي فوض قوات التحالف بقيادة السعودية للقيام بعمليات عسكرية وبما يتطلبه الوضع لمنع الحوثيين من ارتكاب جرائمهم داخل اليمن وتهريب السلاح.
ولذلك لم يكن السعوديون طلاب حروب ولا يبحثون عنها في يوم من الأيام، بل إن مطلقات اليسار وبقايا الإخونج في العالم العربي كانوا يحاولون إغراق السعودية في كثير من الحروب والقضايا في الإقليم والمنطقة، ومع ذلك لم تكن تتحرك الرياض عسكريا إلا بموجب غطاء دولي وعربي - كما اليمن والعراق وسوريا -، وفي هامش يحقق مصالحها ويحمي فضاءها السياسي والأمني.
نقلا عن عكاظ

arrow up