رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

يا ليتني كائن برمائي

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ألف الشاعر نزار قباني، وغنى المطرب عبد الحليم حافظ، قائلاً كل منهما: إني أتنفس تحت الماء، ثم خرّب أبو جدها عندما قال: إني أغرق أغرق أغرق. وكنت - وما زلت - كلما نزلت للبحر لكي أسبح، أتذكر على الفور كلمات تلك الأغنية، فأسارع للخروج خوفاً من الغرق، وأكتفي بالتمدد على الشاطئ تحت المظلة، وفي يدي كأس كبيرة مترعة بالعصير البارد المنعش. غير أن الفرح داخلني هذه الأيام، عندما عرفت أن باحثاً بريطانياً ابتكر نوعية من الثياب يمكن استخدامها في التنفس تحت الماء، واستطاع الباحث جون كاماي بالفعل صناعة نموذج أولي من هذه الملابس. وهو يقول: إنه بحلول 2100، من المتوقع أن ترتفع درجة حرارة الأرض بمقدار 3.2 درجة مئوية، مما سيؤدي إلى ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات على نحو يؤثر على أكثر من 30 في المائة من سكان العالم، مع غرق كثير من المدن الساحلية الرئيسية. وأفاد الموقع الإلكتروني «فيز دوت أورغ»، المتخصص في الابتكارات العلمية، بأن كاماي توصل إلى فكرة الملابس التي تعمل كالخياشيم بعد دراسة أجسام الحشرات القادرة على الغوص تحت الماء، وتوصل إلى أن جلود هذه الحشرات لها خواص تطرد المياه إلى الخارج، بحيث تصنع طبقة عازلة من الأكسجين بين جسم الحشرة والمياه. وتتكون الملابس التي ابتكرها الباحث من قطعتين؛ أولاهما قناع يغطي الأنف والفم، ثم قطعة ثانية تغطي الجسم. إن هذه الابتكارات لم تتوقف عند ذلك، بل إنها بدأت تخطو لما هو أبعد، فقد بدت مغامرة فابيان كاستيو وفريقه العلمي مثل روايات جول فيرن، كاتب الخيال العلمي الشهير، ولكن الرقم الذي حققه وفريقه ليس في عمل روائي، بل هو واقع بالفعل، حيث عاد لتوه من العيش تحت الماء لمدة شهر كامل، مؤكداً أن الحياة في الأعماق ستكون مآل الجنس البشري في النهاية، بسبب الزيادة السكانية الحالية، وهي النظرية المرعبة التي ينتظرها البشر. عاش فابيان تحت الماء في مختبر أبحاث صغير على عمق 19 متراً تحت الأمواج، وبقي هناك في كابينة محصنة دون أن يتأثر بالتسونامي والعواصف العاتية والأمواج العالية التي اجتاحت البحر الكاريبي وولاية فلوريدا، بل إنه أخذ يتابعها من خلال شاشة التلفزيون وهو يستمع للموسيقى الهادئة واضعاً رجلاً فوق رجل. ولو أن أحداً سألني الآن: ماذا تتمنى أن تكون؟ لأجبته من دون تردد، وعلى الفور: أتمنى لو أكون كائناً برمائياً.
نقلا عن الشرق الأوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up