رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

دعونا نرتشف رحيق بيروت

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

يقول بعض اللبنانيين - في نوع من (الظرافة) - إنه قبل أن يخلق الله الأرض، صنع لبنان أولاً كنموذج جمالي، ففي منطقة اشتهرت بصحاريها المنبسطة الخالية من الماء، يقف لبنان واحةً واسعة. طبعاً هذا كان منذ زمان، أما الآن؛ فحسب تقرير حالِكِ السواد ورد في هذه الجريدة جاء فيه: ثلاثة عقود مرّت على انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، لكن مآسي اللبنانيين لم تنتهِ بعد، بل تتنقل من أزمة إلى أخرى، بدءاً من الكهرباء، إلى الاتصالات والمياه والنفايات وقطاع النقل، أما أحدثها فهي الأزمة الاقتصادية والمالية التي تنذر بانفجار شعبي بدأت ملامحه تظهر في تحركات شعبية على الأرض، وتهدد بقلب الطاولة، في حين تلجأ الدولة، جرياً على عادتها، إلى الحلول المؤقتة والترقيعية التي تخدّر الناس لأشهر قليلة قبل أن تعود لتنفجر في مكان آخر. ومن وجهة نظري البحتة، أن الذي ساهم في نكبة لبنان وإرجاعه للخلف؛ أربع مصائب، كل واحدة منها أتعس من الأخرى: 1- تصارع الفصائل الفلسطينية بأسلحتها. 2- قيام «حزب الله» المؤدلج والمسلح. 3- هيمنة سوريا وعبثها في بعض المراحل. 4- ولا ننسى بعض الأحزاب والزعامات اللبنانية، التي انقادت لتيارات خارجية، دون التركيز على مصلحة الوطن. اسمحوا لي أن (أمعص) قلوبكم قليلاً: فبالمقابل أنقل لكم تقريراً مغايراً تماماً عن السابق كُتب عن لبنان عام 1955 وجاء فيه: تعدّ لبنان من أفضل الدول تعليماً؛ إذ بلغت نسبة المتعلمين من أبنائها حوالي 80%، وكانت نساؤها أول من نِلْنَ حق الانتخابات بين نساء الشرق الأوسط، وقد يرتدين مايوهات البيكيني، بينما لا تزال بعض شقيقاتهن العربيات يرفلن في الحجاب، وفي لبنان طرق جديدة ومبانٍ ذات تصميم مبتكر متقدم، إلى حد أن المهندسين الأجانب يحضرون لدراستها، ومع أن لبنان لم تحصل على استقلالها الفعلي إلا منذ 12 عاماً، ومع ذلك فإن الديموقراطية فيها تعدّ من أنجح الديمقراطيات في الشرق الأوسط. وتتمتع لبنان الآن برخاء لم يسبق له مثيل في عصورها الحديثة، ويطلقون على عاصمتها بيروت لقب (باريس الشرق الأوسط)، ويعد مطار بيروت الكبير من أكثر مطارات الدنيا عملاً؛ يستخدمه 55 خطاً جوياً مختلفاً، وقد بلغ عدد زائري لبنان في العام الماضي حوالي 600 ألف زائر، وهو رقم يعادل نصف سكانها تقريباً، ويقدر عددهم بمليون و450 ألف نسمة. الذي جعلني أتبسم بأسى، هي تلك البشارة التي زفّها لنا نهاية التقرير؛ وجاء فيها: سيفتتح في أوائل 1959 كازينو جديد رائع، ولا شك في أنه سيجذب مزيداً من الراغبين في ارتشاف رحيق بيروت. يا خسارتك يا لبنان.
نقلا عن الشرق الأوسط

arrow up