رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد عامر الأحمدي
فهد عامر الأحمدي

كاتدرائية باسيل

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

في عام 1555 تغلب القيصر الروسي ايفان الرابع على دولة تترستان المسلمة.. وتخليداً لهذا الانتصار أمـر مهندسه المعماري ياكفلوف ببناء تسعة معابد لقديسين صادف يوم الاحتفاء بهم يوم انتصاره في المعركة.. غير أن ياكفلوف أقنعه بدمج المعابد التسعة ضمن كنيسة واحدة مميزة تختلط فيها الألوان والزخارف بشكل عجيب (وأدعوك لمشاهدتها من خلال إدخال عنوان المقال في محرك جوجل للصور)!! ولأنها تعـد معلماً من معالم روسيا ــ ولا يمكنك زيارة موسكو دون التقاط صورة أمامها ــ وضعتها في قائمتي الشخصية لأهم المعالم التي أنوي زيارتها في حياتي.. وحققت فعلاً هذا الهدف حين زرت موسكو في أبريل 2015 وسكنت على الضفة المقابلة لمبنى الكريملين والساحة الحمراء حيث توجد الكاتدرائية.. وأذكر أنني سرت نحوها مشياً على الأقدام فـبدت لي من بعيد أشبة بقصور ديزني بأبراجها الثمانية وقببها البصلية المميزة.. لم تبد كبيرة أو بالغة الضخامة ـــ أو حتى مبنية من صخر وآجـر ــ حتى وصلت إليها ووقفت تحتها تماماً. وحين دخلتها اتضح لي أنها بعيدة كل البعد عن نمط الكنائس الغربية التي تتميز بسعتها ووجود ساحة كبيرة للصلاة داخلها.. كانت مجرد دهاليز ضيقة وغـرف صغيرة تذكرنا بغرف الخلوات الموجودة في مساجد آسيا العريقة.. وإذا أضفنا لهذا قببها الإسلامية المميزة، وأبراجها الأشبه بالمآذن الضخمة، يحق لنا الافتراض أن المهندس ياكلفوف تأثر فعلاً بنمط البناء السائد في مساجد تتارستان وآسيا الوسطى (وهي مفارقة معمارية تسخر من هـدف بنائها الأساسي)!! ... على أي حال؛ تحولت الكاتدرائية بسرعة إلى معلم عالمي مهم ــ وتعد اليوم رمزاً دولياً لمدينة موسكو.. ولأن أهل موسكو يحبون القديس باسيل اكتفوا بإطلاق اسمه عليها بعد أن كانت تملك تسعة أسماء لتسعة قديسين.. وتقول الرواية إن إيفان الرهيب (الذي نال هذا اللقب بعد قتله ابنه الوحيد) أعجب بالكاتدرائية لدرجة أمر بفقء عيني المهندس ياكلفوف كي لا يبني شيئاً آخر بهذا الجمال ـــ ولكن الأرجح أنها مجرد أسطورة سمعت مثلها أثناء زيارتي لتاج محل في الهند، وكاتدرائية آيا صوفيا في اسطنبول، وقصر الحمراء في الأندلس! .. القصة الحقيقية حدثت بعد أربع مئة عـام حين هـدد ستالين (أحد قادة الثورة الماركسية والمؤسس الحقيقي للاتحاد السوفيتي) بقطع رأس كل من يتعرض للكاتدرائية بسوء.. فقد استشاط غضباً حين اقترح عليه رئيس بلدية موسكو إزالتها بحجة أنها تعترض مسار الاستعراضات العسكرية أمام الكريملين فهدده بقطع رأسه ورأس كل من يكرر عليه هذا الاقتراح.. وكان غريباً حينها أن يصدر هذا التهديد من ستالين بالذات كونه رجلاً ملحداً يكره الكـنائس والمساجد والمعابد هـدم معظمها أثـناء وجوده في سدة الحكم (بين عامي 1941 و1953)! ... وتفسيري الوحيد (لاستثناء كاتدرائية باسيل من الهدم والإزالـة) أنها كانت ببساطة أجمل من أن يتم هدمها وتدميرها.. وبـهـذا تنضم إلى قصر الحمراء في أسبانيا، وآيا صوفيا في تركيا، ومسجد القبة في القدس، وتاج محل في الهند، ومعالم كثيرة حـول العالم، نجت من التدمير والإزالة (ورغبة المنتصر في محـو مآثر المهزوم) فــقــط بفضل جمالها وتميزها المعماري!! .. ولا تنسَ رؤيتي أمامها في انستجرام...
نقلا عن الرياض

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up