رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد عامر الأحمدي
فهد عامر الأحمدي

بدونكم ما نسوى

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

منذ بدأت تحرير هذه الزاوية وهناك من ينجح دائماً في العثور على عنواني البريدي ويبعث لي استفسارات طويلة تتطلب الرد.. كنت (قبل عقدين من الزمان) أخصص يوم الجمعة (إجازتي الوحيدة) للرد على رسائل القراء (بالطريقة القديمة) ولكن الرسائل كانت تتراكم بمستوى أعجز عن الرد عليها.. وحين يحصل هذا ألـوم نفسي وأقول: "ماذا لو ظن القراء أنني أتجاهلهم عن قصد؟.. ماذا لو ظنوا أنني أهمل رسائلهم عنوة .. ماذا؟ وماذا؟ وماذا؟" لم أكن جاهلاً بحسنة التواصل مع القراء وما في ذلك من استطلاع للآراء.. بــل إنني تهورت (في السنة الخامسة من عمر الزاوية) واشتريت "فـاكـس" ووضعت رقمه أسفل الزاوية. غير أنني سرعان ما فوجئت بكم هائل من الفاكسات التي تتطلب تجاوباً سريعاً.. لم يكن معظم القراء يعرفون كيف يصلون لشخصي المتواضع؛ وبالتالي حين ظهر رقم الفاكس ظهرت معه رسائل وآراء وانتقادات بأثر رجعي! ... ألغـيت الفاكس ولكن الجريدة وضعت لاحقاً رمزاً للتواصل الإلكتروني تحت مقالات الكُتاب فغرقت مجدداً في طوفان أسئلة عجزت عن متابعتها أو الإجابة عليها.. وتكرر الأمر نفسه حين دشنت صحيفة الرياض موقعها الإلكتروني وتركت للقراء فرصة التواصل مع الكتّاب تحت كل مقال.. حاولت جهدي أن أرد على الجميع، ولكن "الجميع" كانوا أكثر مني على الدوام والأسوأ من ذلك أن ردي كان يضيع فـوراً بين رسائلهم الكثيرة.. ونفس الشيء يحصل معي حالياً مع مجموعات الواتس آب (خصوصا التي لا ينقضي النهار إلا وقد تجاوزت الألف مشاركة).. فـأنا إما لا أرى ما يخصني فيها (فيظنه البعض تجاهلاً) أو لا أتنبه إليه إلا متأخرا فيكون الوقت قد فات على الرد والتعليق.. الشيء الوحيد الذي أراه في وقته ولا أرد عليه متعـمداً هو التطاول وقـلة الأدب.. .. ولأنني أواجــه المشكلة ذاتها في تـويتـر كـتبت (في البايــو): "أتابع تعليقاتكم باهتمام ولكنني أعتذر عن الرد العلني من خلال تويتر".. ولأن هذا يخالف مـبدأ الانتشار عبر تويتر (كون شعبية الحساب ترتفع بارتفاع معدل الطقطقة والتطاول) لم يرتفع عدد المتابعين فيه مقارنة بالمقالات نفسها التي تحقق مركزاً متقدماً بحسب نتائج جـوجل.. ... ومع كل هذا يظل السؤال قـائماً: ... ولماذا لا تتابع الناس وتتجاوب معهم؟ الجواب يكمن في ثـلاث كلمات (الكثرة) و(الانشغال) و(الرجـوع) .. فـكثرة الرسائل والاستفسارات تفوق غالباً قدرتي على الرد عليها سواء في الإيميل أو الواتس أو تويتر.. ما يحدث معي لا يختلف كثيراً مع ما يحدث معـك أنت حين تؤجل الرد على أصدقائك، وأحياناً تنظر لرقم المتصل وتقول "سأرد عليه لاحقاً" فتنسى أو يفوت الأوان.. فكيف حين تملك آلاف الأصدقاء؟.. أما (الانشغال) فـلأنني مطالب بتحرير مقال يومي ــ وأحياناً مقالين ــ وبالتالي إن توقفت للرد على كل رسالة تطرح سؤالاً كبيراً مثل كيف أكتب مقالة؟ أو ماهي أجمل الدول التي زرتها؟ أو ماهو ردكم على من يدعي كذا وكذا.. حينها لـن أكتب في ذلك اليوم مقالاً من خمس مئة كلمة، بل سـأتورط بكتابة رد يتجاوز المقال نفسه (لهذا السبب لم أعد أفتح الإيميل في الوقت المخصص لكتابة المقالات)... ومع هذا؛ كـثيراً ما أرد على الإيميل من خلال هاتفي الجوال فـيتسبب الرد ذاته برجوع المزيد من الأسئلة.. يعـود السائل لطرح سـؤال تالٍ أو رد تعقيبي وينتظر ردي عليه بسرعة وهنا تصبح المسألة مرهقة أكثر.. ولا أحاول هنا التذمر أو لوم أحد، ولكنني فقط أقـدم اعتذاري من كل شخص فاتني الرد عليه شخصياً.. أعتذر مسبقاً من الجميع وأحاول إيضاح صعوبة الرد على كل متابع بصفة شخصية خصوصا في ظل وسائل التواصل الحديثة التي يطغى فيها الجديد على القديم خلال وقت قصير.. مرة أخرى أكرر اعتذاري من كل شخص فاتني الرد عليه شخصياً وأؤكد للجميع ــ كما أفعل على الموقع الإلكتروني ــ أنـنـا "بـدونكم ما نسوى".. ... بقيت ملاحظة أخـيرة؛ أملك ذاكرة ضعيفة حيال الأسماء.. فـياليت تذكرني بـاسمك في حال التقـينا مجدداً..
نقلا عن الرياض

arrow up