رئيس التحرير : مشعل العريفي
 محمد آل الشيخ
محمد آل الشيخ

ما هكذا يا سعد تورد الإبل

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

في تقديري، وتقدير كثير من المتابعين، أن الورقة الإصلاحية التي قدمها سعد الحريري كحل للأزمة اللبنانية كانت محاولة لاهثة وفي الوقت نفسه فاشلة في التعامل الجدي مع الانتفاضة اللبنانية الأخيرة؛ الورقة كانت بمثابة حقنة (مورفين) رديء حاول بها الحريري (تخدير) الشعب اللبناني المنتفض، وتهدئته على افتراض أن المتظاهرين سيكتنفهم الملل والتقاعس، ويعودون إلى بيوتهم. إلا أن ما نراه أمامنا يشير إلى أن اللبنانيين مصممون على فرض ما يريدون، وليس ثمة ما يدعوهم للتراجع.
سعد الحريري في رأيي راهن رهاناً خاسراً منذ البداية، ربما أنه كان مضطراً لهذا الرهان، للبقاء في الحكومة خوفاً من (تهديد) أمين عام ميليشيا حزب الله، غير أن السياسي القيادي إذا أذعن للتهديد فإنه في المحصلة كمن يتخلى عن قيادته ليتولاها آخرون، ويبقى هو في الواجهة. انتشار الانتفاضة في كل الأراضي اللبنانية بلا استثناء يجعل مواجهتها لمن يملك السلاح كالحزب هو ضرب من ضروب الانتحار السياسي.. حزب الله يعرف أنه مكبل بالعقوبات الأمريكية، التي تلاحقه في كل توجهاته السياسية والمالية، وإقدامه -كما هدد- على قلب الطاولة على المنتفضين يعني أنه وضع عنقه وحزبه تحت المقصلة، لا سيما وأن أنصاره ومموليه الإيرانيين مشغولون بأنفسهم وأي تصعيد يعود بشكل سلبي عليهم، وتحيط بهم العقوبات من كل حدب وصوب، إضافة إلى أنهم لن يستطيعون إسعافه في ورطته بالمال الذي هو فعلاً ما يحتاجه وأعوانه والمتحالفون معه للسيطرة على تبعات هذه الانتفاضة التي فاجأتهم على حين غرة. لذلك فإن الحريري الآن يجب أن يكون في أفضل حالاته ليستثمر (ورطة) حزب الله بذكاء؛ كل ما يريده الحريري الآن شيئاً من الشجاعة والإقدام، ويستقيل ويترك لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله يواجه مصيره الذي يصر على أن يبقى الحريري يتلقى السهام عنه.
استقالة الحريري التي يرفضها حزب الله هي الحل.. وليس ثمة في الأفق حلٌّ غير هذا الحل، خاصة وأن لبنان ما قبل الانتفاضة يختلف عن لبنان بعد الانتفاضة، و(الغنائم) التي كان يتقاسمها السياسيون فيما بينهم، ستكون حكماً بمثابة حبل المشنقة الذي يلتف على أعناقهم اليوم، فاللبنانيون على مختلف مشاربهم وأحزابهم وطوائفهم، يتفقون على (عودة المال المنهوب) شرطاً لأي حل، وهذا في حد ذاته سيعرض رؤوسا كثيرة للملاحقة، وتحقيق هذه الغاية التي أراها واحدة من الشروط التي لا يبدو أن المنتفضين سيتنازلون عنها، تعني أن فريقاً من السياسيين الجدد سيرتفعون إلى الأعلى.
نصرالله يعرف قبل غيره أن أغلب من يتحالفون معه هدفهم أولاً وأخيراً (المال)، وكانوا يتصرفون في الماضي بقليل من الحذر وكثير من الغباء فقد كانوا يعتقدون أن حماية حزب الله لهم تحصنهم من أي مساءلة وعقاب، أما الآن وبسبب هذه الانتفاضة العارمة، أصبحوا أشبه ما يكونون (بالعراة)، فليس في مقدور الحزب اليوم أن يتجاوز وبصمت عن سرقاتهم ومخالفاتهم المالية، وليس في الأفق إلا محاولات ترقيعية، لن تمكنهم من الإفلات من المحاسبة، ومن ثم العقاب.
وهكذا يثبت ما كنا نقوله ونردده سواء في لبنان أو بقية الدول العربية الأخرى أن من يصرون ويزايدون على التطرف الطائفي وينطلقون منه أيا كان نوعه، هدفهم النهائي الثراء غير المشروع.
إلى اللقاء،،، نقلا عن الجزيرة

arrow up