رئيس التحرير : مشعل العريفي
 خالد السيف
خالد السيف

والقُرودُ إذا فقِهَت..!

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ما من أحدٍ فينا إلا وهو يعلم تفاصيل تلك الحكاية التي تُساق بوصفها نظرية.. وهي التي تنص على أنّ «مجموعة من العلماء وضعوا 5 قرود في قفص واحد وفي وسط القفص وضعوا سلماً وفي أعلاه وضعوا بعض الموز.. في اليوم الأول صعد قرد ليأخذ موزة.. فقام العلماء برشه بقوة ثم قاموا برش باقي القردة… في اليوم الثاني تكرر الأمر مع قرد آخر حاول أخذ الموز.. فتم رشه ومن ثم رش باقي القردة… في كل مرة يصعد أحد القرود لأخذ الموز يرش العلماء باقي القرود بالماء البارد…. بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يصعد لأخذ الموز، يقوم الباقون بمنعه وضربه حتى لا يتم رشهم بالماء البارد.. بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز، على الرغم من كل الإغراءات خوفا من الماء والعقاب! عندما استدب الأمن، قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة ويضعوا مكانه قرداً جديداً.. فكان أول شيء يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز.. ولكن الأربعة الباقين بدأوا يضربونه ويجبرونه على النزول… بعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه ألا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب… قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد وحل به ما حل بالقرد البديل الأول حتى إن القرد البديل الأول شارك زملاءه بالضرب وهو لا يدري لماذا يضرب! وهكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة ولكن السنة استمرت كما هي.. القرود تضرب من يحاول أن يصعد ولا أحد يعرف لماذا!؟ «لكن الشيء الذي لا يكاد يعرفه كثيرٌ منكم هو ما في هذه السطور التالية: وذلك أنه ما إن مضت سنواتٌ عجافٌ على الحكاية الموسومة بـ: «النظرية الموزيّة» حتى ألفينا «القرود» وقد فقِهت حماقةَ العلماء (ابتوع النظرية) إذ رأينا القرود من الجيل الثاني وهي لا تفتأ تتناولَ الموز بطريقةٍ تهكميّةٍ ثمّ لا تلبث أن تمارسَ حركاتها البهلوانية على السّلم صعوداً ونزولاً بشعرها الغزير الذي يسترُ كلّ جسدها باستثناء مؤخرتها!! دون أن تكترثَ بصفاقةِ «العلماء/ من البشر» وهم يرشونها بالماء البارد وإمعاناً في سُخرية القرود بأساطين النظرية يلتفت كبير القرود الذي علّمهم حكّ إبطه وكأنه يقول حين يترطّب ظهره جراء الماء البارد (قدييييييمة)!! حتى إنّ القرد الذي يُدفع به وسط القفص للمرة الأولى ما عاد يحفل بصراخ القردة عليه ويبادر إزراءً بـ «ابتو ع النظرية» إلى مطّ شفتيه لتسفر عن أسنانٍ علقت بها بقايا «الموز»!. وليس ببعيدٍ أنّ القِرَدة إذ تفعل ذلك تبعث لنا – معشر البشر – رسالةً مفادها: هذه النظرية التي ما من كتابٍ من كتبكم «التطويرية» أو دوراتكم المعتمدة في تقديس «ذواتكم» إلا وتصدرتها ظنّاً منكم أنّ لُعبة/ أو حماقة علمائكم قد انطلت علينا لا بل وألف لا فما نحن بالأغبياء كما يدور في خلدكم! ولطالما تواضعنا فَرَضينا أن نكون من قبيل الحيوانات التي نخضع لـ «تجاربكم» ابتغاء أن تفيدوا من الدروس، تعاوناً من لدُنّا معكم «بني آدم» لعلكم أن تتجاوزوا إخفاقاتكم المتكرّرة في إدارتكم لشؤون حيواتكم، الأمر الذي جعلكم لا تنفكون عن التوسّل بنا بغيةَ أن تكونوا أسوياء!! فيما نحن على الحقيقة لم نكن نؤمن بالمرّة بـ «خرابيط» المتحذلقين من علمائكم! ولئن مَرّرنا بعضاً من تجاربكم على بعضٍ من عناصرنا «القرود» فإنه من باب التواصي بالنفع العام ليس إلا.. أو نسيتم أنّنا على أرضٍ واحدةٍ ولسلامتها كان لا بد من تحقق شرط التعايش بالتعاون فيما بيننا.!! متى تعون أننا أعقل من بني – البشر – وأوفر ذهناً من أن تنطلي علينا تجارب لا تخلو من الإمعان في السخف ومن إغراقٍ في إسفافٍ نبرأ بأنفسنا عن مقارفة «تجاربكم/ نظرياتكم» وبرهان ذلك أنكم تثبتونها عاماً وتنقضونها في العام الذي يليه بطريقةٍ سمجةٍ ويتعارك الفريقان ما بين القبول للنظرية وردّها في خصومةٍ صبيانيّة وليس من نتيجةٍ ذات بال!! ولو أنّ بعضا من نظرياتكم صدقت علينا – وصدّقناها – لربما كنا اليوم مثل الديناصورات قد انقرضنا ولم تعد ثمّة قرود تمنحكم الدروس لعلكم تعقلون!! ولنفترض جدلاً بصحّة نظريتكم «الموزيّة» ورش الماء البارد و..و. فلماذا إذن لم تستثمروها على النحو الذي تثورون فيه على ما قد ألفتموه لتتجاوزوا المتراكم من أخطائكم التي كدّستموها تِباعاً جيلاً إثر جيل، وذلك بما شهدته عليكم «الحيوانات» من كونكم وبامتيازٍ تأبون إلا أن تُعيدوا إنتاج أخطائكم بل إنكم لتمضون لما هو أبعد من ذلك، إذ تباركون الأخطاء وتحتفلون بها ولعلّ مَن كانوا أكثركم تكراراً لذات «الأخطاء» هم الذين يتصدّرونكم ويهبونكم الدروس والمواعظ والتفلسف..! سأصدقكم القول: أنتم – بنو البشر – مَن جعلتم من أنفسكم للقرود – وبقية الحيوانات- مواد للتجارب وأضلّ سبيلا.!!
نقلا عن الشرق

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up