رئيس التحرير : مشعل العريفي
 د. فهد العتيبي
د. فهد العتيبي

الرؤية وذاكرتنا التاريخية الوطنية

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

تحتفظ المجتمعات بجوانب تاريخها على امتداد خط التاريخ الزمني منذ ظهور هذه المجتمعات للمرة الأولى على مسرح التاريخ وحتى اللحظة التي تعيش فيها، وتغذي عملية الاحتفاظ هذه ذاكرة هذه المجتمعات التاريخية لتكون غنية تاريخياً، وهو الأمر الذي ينعكس على هوية هذه المجتمعات وتحديد مكانها على الخارطة العالمية ليس عند نشأتها فقط بل وحتى في حاضرها الذي تعيشه. كما أن لهذه الذاكرة التاريخية قيمة أخرى وهي القيمة الاقتصادية، حيث يمكن أن تحول بعض جوانب هذه الذاكرة إلى مورد اقتصادي مهم لا سيما إذا كانت هذه الذاكرة غنية تاريخياً وهناك العديد من الشواهد التاريخية والأثرية التي تدعم محتواها.
وبالنظر إلى ذاكرتنا التاريخية السعودية نجدها غنية جداً من الناحية التاريخية وتمتد إلى الوراء لملايين السنين حين شهدت هذه الأرض استيطاناً بشرياً ضارباً بجذوره في أعماق التاريخ، وتمتد هذه الذاكرة حتى تاريخنا الحديث الذي شهد هو الآخر العديد من الأحداث التاريخية المهمة والتي أصبحت تشكل حجر الزاوية في عمل هذه الذاكرة كقصة توحيد هذه البلاد، والعناية بالحرمين الشريفين، وبناء الإنسان السعودي، والحفاظ على السلم العالمي.. إلى آخره. إلا أن المتابع لتعاملنا مع هذه الذاكرة التاريخية الوطنية قبل رؤية المملكة 2030 يرى وبكل وضوح عملية البتر المتعمد لجزء كبير ومهم من أجزاء هذه الذاكرة، وهو الجزء الخاص بتاريخنا القديم، أي الفترة الزمنية السابقة على ظهور الإسلام، حيث تم إلغاء هذه الفترة تماماً وإسقاطها من الذاكرة التاريخية السعودية والإبقاء على القرن السابق على ظهور الإسلام وتسميته عصر الجاهلية التي هي ضد العلم، ومحاولة تسويد هذه الفترة من أجل تمجيد الإسلام الذي ينظر إليه كنقيض لها، والحقيقة أن الإسلام لم يطمس هذه المرحلة بل عالجها وفق ثلاثة مسارات: إلغاء بعض المظاهر تماماً، وعالج بعض المظاهر وأقرها، وشجع استمرار الكثير من المظاهر الإيجابية.
ولقد جاءت رؤية المملكة 2030 لتعالج هذا الخلل في تعاملنا مع ذاكرتنا التاريخية الوطنية عن طريق إعادة زراعة الجزء المحذوف وتوظيفه التوظيف الأمثل بما يخدم هويتنا الوطنية، واقتصادنا، ويسهم في بناء الخارطة التاريخية العالمية التي كان لأرضنا وأسلافنا دور مهم في بنائها.
نقلا عن الرياض

arrow up