رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

الوقوف على لوح من الثلج

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

(المكان) لغز، و (الزمان) لغز، وكلاهما (نسبي) لا في الكبر ولا في الصغر، وليس هناك أبعاد ثلاثة للمكان، وإنما أصبح أربعة أبعاد بعد أن اندمج الزمان به. (ذرة) المكان و(ثانية) الزمان ليس لصغرهما حد مهما فتتناهما، كما أن (كبر) المكان، و (طول) الزمان ليس لهما أيًضا حد، فـ(المجرات) المكانية ليس لكبرها حد، و(المسافات) الزمانية ليس لها أيًضا حد، فالله وحده هو الأكبر، والله وحده هو الخالد، وما عداه سبحانه ما هو إلاّ ضرب من (النسبية)، ولا أقول الخيال. وأصدق مثال على ذلك أنك لو امتطيت مركبة فضائية وطفت بها في أرجاء الكون لمدة أسبوع واحد بسرعة الضوء، ثم عدت للأرض، فسوف تتفاجأ بأن جميع الكائنات قد مر عليها مئات الأعوام، في حين أنه لم ينقص من عمرك غير أسبوع، لماذا؟! لأن الزمان في هذه السرعة يكاد أن يتوقف. واحتار الإنسان في حكاية (الحياة والموت)، وكانت المعضلة الغامضة عنده هي (الزمن)، لهذا قسم السومريون السنة إلى 360 يوًما، ثم حددوها في 12 شهًرا قمرًيا، مدة كل شهر 30 يوًما. وأضاف الفراعنة خمسة أيام إلى السنة، وأخيًرا أعطتنا التغييرات التي أدخلها الرومان، مشفوعة بالتحسينات التي لحظها البابا غريغوري الثالث عشر عام 1582 ،التقويم (الغريغوري) الذي نعتمده حالًيا والمضبوط بفارق يوم واحد كل 3323 سنة. وتحتفظ الولايات المتحدة بساعتها القياسية لتحديد طول الثانية، في مكان أمين في مختبر في (كولورادو)، وتعد هذه الساعة، التي تدعى (إن بي إس­6 ،(من أدق الساعات الذرية في الولايات المتحدة، إذ تبلغ دقتها حدود ثانية واحدة كل 300 ألف سنة. إنني من المؤمنين بنظرية (النسبية) في كل شيء وكل وقت، فليس هناك (الأفضل)، ولا (الأكمل)، ولا (الأجمل)، ولا (الأقبح)، ولا (الأسرع)، ولا (الأبطأ)، لا شيء متجمد، حتى ولا الصخور، ولا شيء متوقف حتى ولا الموت. ومشكلة الزمان الذي ضبطته بدقتها (الساعة)، أنه، رغم ذلك، يظل (مخادًعا)، والدليل على ذلك لو أن أحدهم مع خطيبته أو عشيقته التي شغف بها حًبا، قد قضى معها خمس ساعات هروًبا من (العوازل)، فسوف تنقضي تلك الساعات بالنسبة له وكأنها خمس دقائق. وبالمقابل، لو أننا أوقفنا أحدهم على لوح من الثلج وهو حافي القدمين لمدة خمس دقائق، فسوف تمر عليه تلك الدقائق كأنها خمس ساعات. وإنني بهذه المناسبة فحياتي تمر علّي في هذه الأيام بطيئة جًدا، لأنني لا عاشق ولا معشوق، وكأنني، يا سبحان الله، أقف حافي القدمين على لوح من الثلج.
نقلا عن الشرق الاوسط

arrow up