رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مها الشهري
مها الشهري

رفع الدعم عن القبيلة

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

حينما نتحدث عن تحول ثقافي ضمن برنامج التحول الوطني فنحن نتحدث عن تغير نوعي لا يقوم على معطيات الثقافة الحالية، وقد تحدث الباحثون عن دور القبيلة ككيان وعامل مؤثر في العمل السياسي، فعندما يوجد نفوذ قوي للقبيلة سيتسبب ذلك في صعوبة قيام المجتمع المدني، ورغم انحسار دور القبيلة وهشاشتها نتيجة لعوامل مختلفة إلا أنها بقيت عنصر الأمان الاجتماعي، فلا زال صوت الفرد غائبا ليظل تابعا لما تمليه ثقافتها وممارساتها التقليدية، ويرى أحيانا أنه ملزم باللجوء إليها حفاظا على هويته وانتمائه حينما تنعدم لديه الخيارات الأخرى. دور القبيلة لا يشكل عائقا في قيام المجتمع المدني، ولكن يمكننا اعتبار وعيها مؤثرا وعاملا سلبيا ضد تحقيق المدنية، فإذا خرجت فكرة القبيلة وأدبياتها من مخابئها إلى المجال العام ستتسبب في صراع سياسي واجتماعي وستبعث سلوكا تدميريا للاستقرار، لأن النخب القبلية لا تهمها إلا مصالحها وإظهار وجاهتها على حساب الآخرين، إضافة إلى أن فكر القبيلة وفق التصور يشكل خطرا على الوعي الحديث، فهي تؤسس وعيها التقليدي بصورته المؤدلجة بتمحور القبيلة حول تعصبها وإبراز منطلقاتها في نزوع استبدادي يتجاوز مصلحة المجتمع، وبهذا فإن إضعاف الدور التخريبي للقبيلة من أهم العوامل التي تسهم في بناء المجتمع الحديث، مع الإبقاء عليها كمكون طبيعي في بنية المجتمع بعيدا عن تأصيل وعيها وتأويلاتها في الفكر الاجتماعي، وهذا سيسهم في نجاح أي عمل يستصلح البيئة لتنمية المشهد الثقافي في المستقبل. لا يمكن أن نطمح لتنمية بيئة ثقافية ما دام المجتمع يدار بالوعي القبلي، من الضروري رفع «الدعم المادي الحكومي» عنها وتعويض الفرد بالعمل على تأسيس القيم الحديثة القائمة على التعددية وقبول الآخر، وإضفاء القيمة على هذه الأفكار من خلال الإعلام والعمل المؤسسي الثقافي، فلا يجد نفسه مضطرا ليستظل بمظلة القبيلة وبالتالي ستقل فاعليتها، وبهذا نتمكن من تجاوز التكوينات القائمة على المناطقية والفئوية والمذهبية، والتي تسببت في التفريق بين الأفراد وإثارة العنصرية والتمييز القائم في العلاقات النفعية التي تتجذر في نسيج المجتمع ومؤسساته، وغير ذلك الكثير من الممارسات التي تشوه المجتمع وتعيق تنميته.
نقلا عن عكاظ

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up