رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد الأحمري
فهد الأحمري

احذر فهذا الشخص متلون

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

قبل فترة دار جدال في أحد المجالس حول موضوع معين، ربما نسيت موضوع النقاش لكنني لم أنس اعتراض بعض الحضور على موقف شخص حين غير رأيه في موضوع النقاش. اعتراض الحضور تمثل في استغرابهم منه لتبديل رأيه في المجلس نفسه لاقتناعه الشخصي برأي الطرف الآخر!
خرج الموضوع عن سياقه الأصلي إلى موضوع تبدل الرأي عند الشخص في مواقف شكلية أو مصيرية. الثقافة السائدة في مجتمعاتنا العربية يغلب عليها فكرة الثبات وعدم التراجع عن رأي أو فكرة أو توجه في حياة الفرد. هذه الثقافة تعتقد أن الشجاعة تكمن في صلابة الموقف الواحد في الرأي والمسلك والمظهر مدى الدهر حتى لو رأى الحق في خلافه.
التعنت في الرأي وعدم الرجوع فيه يشكل، منذ القدم، عند الإنسان العربي الذي يبجل صلابة الموقف في الحق والباطل على حد سواء، حتى وإن ظهر له بطلانها وظل يحمل ذات الطرح في ميادين الرأي والفكر، اعتقادا منه أن ديمومة الرأي والمسلك هي ركن من أركان الرجولة وأن التراجع عنه انهزامية ونكوص!
الاعتقاد الخاطئ بالانهزامية والنكوص لمن استعاض رأيا بآخر يماثله «منتكس» في مجتمع الغلاة والمتزمتين، ويحاكي أيضا لفظ «متلون» في المجتمع العام تجاه كل من يملك الشجاعة في استبدال رأيه وسلوكه بآخر عن قناعة جلية.
لا شك أن النكوص والانتكاس والتلون أمور سلبية في المعنى والصورة الذهنية، غير أن الكثير يطلقها بطريقة أشد سلبية إمعانا في الجرح المعنوي للشخص والطعن في ذاته. إن من ينتقل من دائرة الغلو والتشدد إلى دائرة الاعتدال والوسطية يراه المجتمع المتزمت «منتكسا»، وكذلك فإن «التلوّن» هو نعت لا يقل سوءا عن سابقه، تطلقه بعض الفئات العامة وربما المثقفة التي ترى أن إحلال رأي جديد مكان رأي سابق هو ضرب من التلون في الفكر والطرح. وفي البيئتين السابقتين، العقدية والفكرية، نجد أن المؤمن القويم والمثقف الحكيم هو من يصفق لمن يملك الشجاعة في استبدال رأيه وسلوكه إلى آخر عن قناعة مطلقة، وكأنه يقول بصريح العبارة «نعم لقد كنت مخطئا».
خاتمة:
سألته؛ لماذا تركت الانتساب لتلك الشريحة وطرحت عن ذاتك جلباب السمت المبجل لدى المجتمع؟
قال لئن أُنعَت بالمسلم حافة خير لي من أن أنعت بتلك الصفات مهما كانت موقرة وذات فضيلة، سيما في زمن القاعدة وداعش.. لهذا فإن تبديل الهيئة للخروج من تبعية تلك الفئة المغالية خير وأحسن مستقرا..!
نقلا عن الوطن

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up