رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

أمريكا وخرافة الديمقراطية وحقوق الإنسان

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

من يقرأ كتابنا (نحن وأمريكا) بعمق يستطيع التوصل إلى النتائج التي وصلنا إليها. ما كشـفته القضايا الأخيرة كان شيئا متوقعا من خلال قراءة وقائع تاريخ الولايات المتحدة. ولكن دعونا الآن نعود إلى تقليب صفحات هذا التاريخ لنستخلص العبرة منه ونستشف النتائج، ونستقرئ المستقبل. إبان مرحلة الحرب الباردة، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945، ولنصف قرن إلى نهايات القرن، حيث تفتت الإمبراطورية السوفيتية، كانت الولايات المتحدة ترفع في حربها الأيديولوجية ضد المعسكر الاشتراكي الشيوعي شعار الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم الفردية، في مواجهة الشمولية وديكتاتورية الدولة في المعسكر المقابل. لم يسال أحد نفسه ــ آنذاك ــ إلى أي مدى تمثل هذه الشعارات قيما حقيقة في الوجدان الأمريكي، وإلى أي مدى تشكل مبادئ حقيقية في العقل السياسي الأمريكي؟. ورغم أن السياسة الأمريكية الخارجية كانت دائما تعمل في اتجاه مناقض لهذه القيم التي ترفعها شعارات، كما ذكرنا من قبل ونحن نتحدث عن النفاق والكيل بمكيالين، إذ لم تدخر جهدا في دعم الأنظمة الإرهابية، وتدبير الانقلابات العسكرية على الأنظمة الشرعية المنتخبة في كل أنحاء العالم، خاصة في حديقتها الخلفية. إلا أن العديد من الحالمين في دول العالم الثالث انطلت عليهم شعارات قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي ظلت ترفعها الولايات المتحدة في حربها الأيديولوجية الباردة ضد المعسكر الأحمر، وكانوا يستندون في ذلك إلى الدستور الأمريكي الداعم لهذه القيم، ومأخوذون بالسطح الخارجي للحياة الأمريكية، حيث تتنوع وتعدد ألوان الطيف الثقافي والعرقي، ويتمتع كل لون عرقي وثقافي بالفرص المتساوية العادلة. إلى أن فضح انفجار (11 سبتمبر) زيف هذه الشعـارات البراقة. وبقدر ما أثار هذا الانفجار جنون الأمريكان بما سببه من جرح لنرجسيتها كدولة عظمي أوحد في العالم، وكشف هشاشة نسيجها الأمني، بقدر ما كشف هشاشة هذه الشعارات، وعدم تجذر هذه القيم في نسيجها الاجتماعي والأخلاقي. خاتمة : الدول كالأشخاص تحتاج إلي قدر من المصداقية والوقار حتى يصبح التعامل معها ممكناً ، والتعاهد والتعاقد معها مضمون النتائج . أما أن نقول شيئاً ونفعل شيئاً آخر مناقضاً .. وأما أن تكيل بمكيالين فأمر يربك الآخرين ، ولا يعرفون علي أية قاعدة يتعاملون معها . وتكاد تكون هذه السمة – لا الغالبة بل – الثابتة والدائمة في سجل علاقات الولايات المتحدة الخارجية .

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up