رئيس التحرير : مشعل العريفي
 مشعل السديري
مشعل السديري

الحب مثل الاعتراف بالجميل

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

يؤكد بعض علماء النفس أن لمسة اليد تستطيع خلق جو من الود والتفاهم أعمق أثًرا حتى من الكلمات. فالزوج مثلاً إذا بادر بمساعدة زوجته بارتدائها لمعطفها أو عباءتها دون أن تطلب منه هي ذلك، ثم وضع يده بحنان على كتفها، سوف يكون لذلك الفعل أو الحركة تأثير أكثر من جمله طويلة مستهلكة. إن الأطفال هم أكثر الفئات حاجة لذلك، ولا أدري كم واحد منا جلس على الأرض ليلعب ويصارع طفله، وينهزم له ثم يدغدغه ويضحك معه؟! وليس كملاعبة رجل أعرفه مع طفله ذي الأربعة أعوام، فالرجل جسمه كأجسام المصارعين ولا أقول البغال، وهو يحب طفله بجنون، ويفجعني عندما أشاهده وهو يهجم على طفله ويمطره بالقبلات العنيفة، ثم يقذف به عالًيا بالهواء عدة مرات، والطفل يصرخ من الرعب، وبعدها يلقيه أرًضا ويقلبه رأًسا على عقب. كل هذا كان يجري وهو لا يتوقف عن الكلام والضحكات بصوته الجهوري، إلى درجة أنني لاحظت أن الطفل أصبح يخاف ويهرب منه في أكثر الأحيان. حتى السلام بالمعانقة بين الأقارب والأصحاب له دلالته أحيانا، وهو ألطف من مجرد المصافحة الباردة، والعناق الذي أقصده هو مجرد تقبيل بالهواء، وليس وضع الخد على الخد تجنًبا من شرشره العرق أو تشويك الشعر. وتعجبني طريقة إخواننا أهل السودان الشقيق بالسلام، فإذا تقابل اثنان يضع كل واحد منهما يده على كتف الآخر، وتنتهي المهمة ويا دار ما دخلك شر. الحب يا سادتي هو مثل الاعتراف بالجميل، فلا فائدة منه إذا لم نظهره. وإليكم ما ذكرته (مارتاردوس) وهي عازفة بيانو شهيرة، وتقول: عندما حاصر النازيون مدينة (وارسو) في الحرب العالمية الثانية، تطوعت للعمل ممرضة في مستشفى للعناية بالجرحى. وكنت أمر بالعنابر ذات ليلة فلاحظت أن جندًيا يدفن رأسه في الوسادة، وكان يبكي ويئن من ألمه في الوسادة حتى لا يزعج أحًدا، وسألت نفسي: كيف يمكن أن أساعده؟، ونظرت إلى يدي ثم قلت: إذا كنت أستطيع نقل الذبذبات في انسجام عن طريق البيانو، فلماذا لا أستطيع نقل الانسجام مباشرة دون آلة، وعندما أخذت رأس الشاب بين يدي، أمسك بهما بقوة حتى خيل لي أن أظافره سوف تغرس في لحمي، ودعوت الله أن يقبل انسجام العالم حتى يخفف ألمه، ولم يلبث أن سكنت دموعه، وأرخى قبضتي يديه ثم أغمض عينيه ونام.
نقلا عن الشرق الاوسط

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up