الاستمتاع بالسجن

من الظواهر المستحدثة في ألمانيا خلال الأعوام الأخيرة، إقامة فنادق متنوعة وغريبة، وبينها مثلاً فندق غرفه داخلها ما يشبه الحظائر المفروشة بالقش، وآخر به أسرة على شكل النقانق، وثالث من أوله إلى آخره كله من الثلج، وغيره وغيره. ولكن أعجب فندق من وجهة نظري هو سجن سابق تحول إلى فندق، وليس من الضروري أن تكون مجرماً لكي تدخله. وقد مررت شخصياً بتجربة السجن، وذلك عندما سجنت نفسي طواعية في (بدروم) منزلي، ولم أفرج عنها إلا بعد اليوم الخامس، لكي أقضي (الويكند) بالاحتفال بإفراجي عن نفسي من ذلك السجن. وتستطيعون أن تطلقوا علي لقب: (خريج سجون) ولا فخر، وقد سبق لي أن كتبت عن تجربتي التعيسة تلك، أما الآن وقد سمعت بذلك الفندق، فقد عزمت بحول الله أن أكون من مساجينه بعد شهرين ونصف الشهر من الآن، وذلك بعد أن أكدت الحجز. وعرفت أن سعر الليلة الواحدة بالمتوسط هي في حدود 50 دولاراً، وقد شاهدت (البروشَر) الخاص بزنازينه الصغيرة، ولكن ذلك لم يثنِ الزوار عن الحضور، وتم افتتاح الفندق في مايو (أيار) 2019، وقد تضمنت نوعية الزوار هواة التجول بين المرتفعات وأعضاء نوادي البولينغ، وحتى بعض الأزواج لقضاء ليلة الزفاف فيه. واستضاف الفندق مئات النزلاء في السنة الماضية. ويقول فيرنر برايز، رئيس مجموعة العمل، إن هذا الإقبال على الفندق تم بدون أي نوع من الدعاية، ومن المتوقع أن يصل عدد رواده ونحن في عام 2020 إلى عدة آلاف، فالإقبال على الحجز فيه كبير، وهذا أفضل استثمار أقدمنا عليه. ويحصل جميع الزوار عند دخولهم الفندق على سترات السجن الشهيرة المخططة باللونين الأسود والأبيض. بل إن المجموعة تعتزم إتاحة خيار أمام الزوار لنقلهم من محطة القطار إلى الفندق، وهم مقيدون بالسلاسل فوق عربة مكشوفة تجرها الخيول، كما تدرس إمكانية إقامة عمود التعذيب الذي كان موجوداً في العصور الوسطى، داخل الفندق بغرض ربط المجرمين فيه وإنزال العقاب بهم. وفي ذلك السجن غرف متفاوتة بالحجم والسعر، وأغلاها ثمناً هي زنزانة القاتل المحكوم عليه بالإعدام قديماً، ومساحتها في حدود 3x3 أمتار، وفيها نافذة علوية مستطيلة 30x50 سنتمتراً لا تدخل منها أشعة الشمس، وسعر الليلة الواحدة فيها هو 150 دولاراً، وهم يعتبرونها بمثابة (سويت) في فندق 4 نجوم.
نقلا عن الشرق الأوسط