رئيس التحرير : مشعل العريفي
 أ.د.صالح بن سبعان
أ.د.صالح بن سبعان

انتشار وسائل التواصل وإتساع هوة التباعد !؟‎

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

ظللت ، أرصد ظاهرة غريبة في مجتمعنا وهي ازدياد مساحة «التباعد» الإنساني بانتشار وسائل «الاتصال». ولك أن تعجب من هذا التناقض.. أن تنتشر وسائط «التواصل» بين الناس والمجتمعات، وفي الوقت نفسه تتسع هوة «التباعد»، حتى أصبح كل شيء يتم عن بعد. فالمناسبات الاجتماعية مثل التعازي والتبريكات في مناسبات الزواج والولادة والوفيات والأعياد والتي كانت فرصة ينتهزها الناس للتواصل المباشر والمشاركة التفاعلية الحميمة أصبحت تتم الآن عبر المكالمات الهاتفية السريعة المقتضبة أو عبر الرسائل الهاتفية الشحيحة الكلمات، بل حتى الزواج نفسه الذي كان ينظر إليه كحدث اجتماعي يهم أهل الزوجين لأنه إعلان بإنشاء خلية اجتماعية هي مؤسسة الأسرة أصبح الآن «مسيارا» أي أن العلاقة فيه تقلصت لتنحصر في هدف واحد من أهدافه الكبرى، ويتم تحقيق هذا الهدف عن بعد. ألا تلاحظ معي بأن العلاقة بين الوالدين وأبنائهم وبين الإخوة والأخوات أصبحت أضعف مما كانت عليه من قبل بعد أن أغلق كل فرد منهم أبواب غرفته على نفسه منهمكا في التواصل عبر النت مع أشخاص بعيدين عنه وعن بيئته غير عالم أو مدرك أو حتى مهتم بمن يجاوره في الغرفة الأخرى ؟!. وألا تقرأ في الأخبار بين حين وحين، عن الزواج عن بعد عن طريق النت، وتجد هناك من يسأل الفقهاء حول مدى مشروعية أو، لا مشروعية الطلاق عن طريق الجوال أو الرسائل الإلكترونية مما يدل على أن ذلك يحدث فعلا.. كنت أفكر في هذا من قبل وحين أزمعت الكتابة حوله، وجدت خبرا في الصفحة الأولى من جريدة «الحياة» تحت عنوان «السعوديون موعودون بدرجات جامعية: عن بعد «يفيد بإقرار مجلس التعليم العالي لائحة التعليم عن بعد للراغبين في مواصلة تعليمهم من دون تأثير على التزاماتهم العملية والشخصية. حسنا لست من معارضي نظام التعليم عن بعد من حيث المبدأ، إذ إنه يفتح فرصة لمواصلة التعليم لعدد كبير من الراغبين في ذلك، وهو من ناحية أخرى يوسع قاعدة التعليم في المملكة، مما سيكون له تأثير بالغ في تأهيل القوى العاملة لسد فجوة التوطين في سوق العمل، أدرك كل هذا، إلا أن العنوان أثار في ذهني سؤالا هو: هل أفلحنا بدرجة كافية في التعليم عن قرب حتى نقفز إلى التعليم عن بعد ؟!. فالتعليم أساسا عملية تواصل وحوار وأخذ وعطاء بين الاستاذ الجامعي والطالب، وهذا التواصل الإنساني بينهما هو عصب العملية التعليمية، لأن التعليم الجامعي ينبغي أن يبنى على استراتيجية غير تلقينية، وإنما ينهض على أن يتعلم الطالب كيف يفكر وكيف يتعلم.

arrow up