رئيس التحرير : مشعل العريفي
 د.بدر بن سعود ال سعود
د.بدر بن سعود ال سعود

كورونا صاحب مبدأ

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

رغم أن كورونا كان كابوساً على الاقتصاد والسياسة حول العالم، ومع أنه أحدث تغيراً كبيراً في الظاهرة الإنسانية نفسها، وساهم بشكل أساسي في تحول الناس من كائنات اجتماعية إلى كائنات انعزالية، فقد قدم في المقابل فوائد لم تكن ممكنة بدونه، ومن ذلك تطوير واستخدام تقنيات في مجالات التعليم والعمل والترفيه وفي تشخيص الأمراض وغيرها.
القيود التي فرضتها الحكومات بسبب المرض ليست مريحة ولكنها ضرورية، وفي مقابل خسائر النفط والنقل والمواصلات والسياحة الخارجية، توجد مكاسب كبيرة في مسارات لم تكن بنفس الأهمية في السابق، فقد حققت صناعة المستلزمات الطبية والأدوية مداخيل عالية جداً تقدر بمليارات الدولارات، وتعيش التجارة الإلكترونية وتجارة التجزئة وصناعة التطبيقات متعددة الاستخدامات أجمل أيامها، ومن الشواهد على الأخيرة تطبيق شركة (زووم) لمؤتمرات الفيديو، الذي سجل نجاحاً مالياً لم يتوقعه أكثر المتفائلين، بعد أن وفر بديلا مناسبا لإقامة اجتماعات العمل والمؤتمرات والندوات عن بعد.
معدلات تلوث الهواء بالغازات السامة تراجعت بدورها إلى أرقام غير مسبوقة بسبب كورونا، ومن الأمثلة، انخفاض غاز ثاني أكسيد النيتروجين في هواء مدينة مدريد الإسبانية، وتراجعه بنسبة 57 في المئة خلال أسبوع واحد، كنتيجة لتوقف حركة النقل والمصانع، وهذا الغاز مسؤول عن مشاكل الجهاز التنفسي، ومن مسببات الإصابة بسرطان الرئة، علاوة على انخفاض غاز ثاني أكسيد الكربون في الصين، وبمعدل 20 طنا أو ما نسبته 25 في المئة من انبعاثاته في الهواء.
السيناريو الأقرب لانتشار الفايروس هو الإهمال وليس المؤامرة، وحله لن يكون إلا بالتعايش أو انتظار المجهول، والأرجح أنه تسرب من مختبر فايروسات في ووهان الصينية، لعدم التزامه بالاحتياطات المعمول بها عند إجراء الاختبارات على الفايروسات وإتلافها، ومهما كانت الروايات، فكورونا فايروس صاحب مبدأ ومن أنصار البيئة، ولا أحد ينكر مساهمته في نظافة الكوكب وتحريره من التلوث، وكشفه المستور في الأنظمة الصحية الفاشلة، وتعريته لأنانية الدول في تعاملها مع شعوبها ومع حلفائها وجيرانها.
المشكلة في المنطقة العربية وربما في معظم الدول، تعود إلى عدم وجود خطط حكومية لمواجهة الكوارث العامة على مستوى الدولة بأكملها، والشراكات بين القطاعين العام والخاص لم تصل إلى معالجة الملفات الوطنية الأكثر سخونة، وهذه القاعدة العربية أو الدولية، إن جاز التعبير، عملت عليها المملكة في معظم شراكاتها، بعد الرؤية، ومن المتوقع أن يكون القطاع الخاص شريكا إستراتيجيا في معظم قطاعات الدولة، ما يعني أنها ستتعامل بشكل مختلف مع كل ما سينتج في الداخل السعودي، وستنظر إليه باعتباره استثمارا للمستقبل، فما يحدث في كل مكان يؤكد أن تحقيق الاكتفاء الذاتي في متطلبات الحياة الأساسية والحيوية يمثل السلاح الأهم لمواجهة أزمات من نوع كورونا.
نقلا عن عكاظ

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up